معنى اسم الله الغفور والرحيم

قال عز وجل: (أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ذكر هنا اسمين له، وقبل ذلك ذكر عز وجل من أسمائه: الله العزيز الحكيم العلي العظيم، وذكر هنا: الغفور الرحيم سبحانه وتعالى.

والغفور: العظيم المغفرة فهذه صيغة مبالغة، كما قال عز وجل عن نفسه: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} [غافر:3]، وذكر الغفار فقال: {الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ} [غافر:42]، وذكر الله الغفور سبحانه وتعالى، فالله عز وجل الغافر للذنب، وهو الغفار الغفور سبحانه وتعالى.

وغفر بمعنى: ستر وغطى، ومنه المغفر، وهو الدرقة التي يتقي بها الإنسان عدوه حتى لا يصيبه سهم أو سيف عدوه.

فالله عز وجل هو الغفور العظيم الستر على عباده الذي يمحو عنهم أثر ذنبوهم ليمحو عنهم الذنوب، بل قد يبدل ذنوبهم وسيئاتهم حسنات إذا تابوا وأصلحوا، فهو الغفور سبحانه وتعالى الرحيم، عظيم الرحمة، كما قال عن نفسه: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43].

والرحمن والرحيم صيغة مبالغة من الرحمة، فالله هو الرحمن، والرحمن متضمن لصفة فيها عموم وخصوص، والرحيم متضمن لصفة فيها عموم وخصوص، فالرحمن متضمن لصفة الرحمة، وهي رحمة من الله عامة لكل خلقه، ففي الدنيا يتراحم الخلق: المسلمون يتراحمون، والكفار يتراحمون، والدواب تتراحم، حتى إن الدابة لترفع حافرها عن ولدها حتى لا تؤذيه، فهذه من رحمته المأخوذة من اسمه الرحمن سبحانه التي جعلها في قلوب من يشاء من خلقه، ومن رحمته العامة أنه سبحانه أنزل الكتب هداية للخلق، فمنهم من يهتدي ومنهم من يضل، فالله عز وجل قد أعذر إذ أنذر سبحانه وتعالى، فأنذر خلقه وأعذر إليهم، وأقام عليهم الحجة سبحانه وتعالى، فرحمة الله عز وجل عامة لجميع الخلق.

ولا يتسمى بالرحمن إلا الله وحده لا شريك له، كما قال عز وجل: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم:65] أي: هل سمعت أحداً يتسمى بالرحمن قبل ذلك؟ فما أحد تسمى بذلك، إلا أن يكذب المشركون فيدعون أن باليمامة إنساناً اسمه الرحمن، فيكذبون، لكن أن أحداً يسمي نفسه رحماناً هذا لم يقع، فالرحمن عز وجل ليس له سمي يتسمى باسمه سبحانه وتعالى، والسمي: هو المقابل الذي يتسمى بهذا الاسم، يقال: اسمي فلان، وفلان سميي أي: اسمه مثل اسمي.

فالخصوصية أن الله عز وجل وحده هو الذي يتسمى بذلك، كما أنه وحده الذي يتسمى: (الله) سبحانه وتعالى.

والرحيم: يتضمن صفة الرحمة، وفيها عموم وخصوص، فالعموم فيها: أنها صفة الرحمة التي يجوز للمخلوق أن يتصف بها، وأن يوصف بها، فيقال: فلان رحيم، والله عز وجل كان بالمؤمنين رحيماً، والنبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رءوف رحيم صلوات الله وسلامه عليه، وكذلك الناس يقولون: فلان رحيم، وهذا عموم فيها، فالله عز وجل هو الرحيم، وخلقه فيهم الرحماء.

والخصوصية: أن الله بمقتضى أنه الرحيم يرحم المؤمنين فقط، فكأن الرحمة في الرحيم رحمة تختص بالمؤمنين، قال تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، فالله عز وجل من أسمائه الحسنى: الله سبحانه، والعزيز، والحكيم، والعلي، والعظيم، والغفور، والرحيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة).

نسأل الله عز وجل أن يعيننا على إحصائها، وأن يجعلنا من أهل جنته.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015