تفسير قوله تعالى: (ولو دخلت عليهم من أقطارها)

قال الله تعالى: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا} [الأحزاب:14] أي: من أنحائها.

لو دخل الكفار عليهم المدينة من أقطارها ثم سئلوا الفتنة وطلبوا منهم أن يشركوا وأن يعصوا الله سبحانه وتعالى لم يتلبثوا ولم ينتظروا، وإنما يدخلون في الكفر بسرعة؛ لأنهم منافقون، والمنافق ينتظر متى يظهر الكفر لكي يظهر كفره، فلذلك لو دخلت عليهم المدينة من نواحيها وطلب منهم الفتنة لما توقفوا.

قال تعالى: ((ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا)) أي: لوقعوا في هذه الفتنة، وهذه قراءة الجمهور ((لَآتَوْهَا)).

وقراءة نافع وأبي جعفر وابن كثير وابن ذكوان بخلفه (لأتوها) يعني: لدخلوا فيها.

فآتى بمعنى أعطى، وهم يعطون بأيديهم الفتنة وهي الكفر والشرك والنفاق، ويعطون المعصية، و (لأتوها) أي: أي مكان فيه فتنة يجرون إليه.

قوله: ((وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا)) يعني: على استحياء، أي يطلب منه الكفر والمعصية فيستحي قليلاً أن يعرف المؤمنون حقيقة كفره ونفاقه، قال الله عز وجل: ((وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا)) يعني: ما صبروا على إيمان يظهرونه إلا شيئاً يسيراً، ثم أعطوا الكفر وأظهروا ذلك.

ومعنى آخر فيها: ((وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا)) يعني: كم سيعيشون بعدما يكفرون، سيقبضهم الله وسيأخذهم مهما عاشوا، فلن يعيشوا إلا فترة قليلة ثم يقبضهم الله على ما هم فيه من سوء خاتمة.

نسأل الله عز وجل حسن الخاتمة، ونسأله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015