الفعل وإحداثه أي إفاضةُ القدرةِ المفسرةِ عند الأصوليين من أصحابنا بما يتمكن به العبدُ من أداء مالزِمه المنقسمةِ إلى ممكِنة وميسِّرة وهي المطلوبة بإياك نستعين وتارة أخرى باسمه عز وعلا وحقيقتها طلبُ المعونة في كون الفعل معتداً به شرعاً فإنه ما لم يُصَدَّر باسمهِ تعالى يكون بمنزلةِ المعدوم ولما كانت كل واحدة من الإستعانتين واقعةً وجب تعيينُ المراد بذكر الاسم وإلا فالمتبادَرُ من قولنا بالله عند الإطلاق لا سيما عند الوصف بالرحمن الرحيم هي الإستعانة الأولى إن قيل فليُحمل الباء على التبرك وليستَغْنَ عن ذكر الاسم لما أن التبرك لا يكون إلا به قلنا ذاك فرعُ كون المراد بالله هو الاسم وهل التشاجرُ إلا فيه فلا بد من ذكر الاسم لينقطعَ احتمالُ إرادة المسمَّى ويتَعَينُ حمل الباء على الإستعانة الثانية أو التبرك وإنما لم يكتب الألف لكثرة الإستعمال قالوا وطُوِّلتِ الباءُ عوضاً عنها

و {الله} أصله الإله فحذفت همزته على غير قياس كما يُنْبِىءُ عنه وجوب الإدغام وتعويض الألف واللام عنها حيث لزماه وجردا عن معنى التعريف ولذلك قيل يالله بالقطع فإن المحذوف القياسيَّ في حكم الثابت فلا يحتاج إلى التدارك بما ذُكِرَ من الإدغام والتعويض وقيل على قياس تخفيف الهمزة فيكون الإدغام والتعويض من خواص الاسم الجليل ليمتاز بذلك عما عداه امتياز مسمّاه عما سواه بمالا يوجد فيه من نعوت الكمال والإله في الأصل اسمُ جنسٍ يقع على كل معبود بحقٍ أو باطل أي مع قطع النظرِ عن وصف الحقية والبطلان لا مع اعتبارِ احدهما لا بعينه ثم غلب على المعبود بالحق كالنجم والصَّعِقْ وأما الله بحذف الهمزة فعلمٌ مختصٌّ بالمعبود بالحقِّ لم يطلق على غيره أصلاً واشتقاقه من الإلاهة والأُلوهَة والأُلوهِية بمعنى العبادة حسبما نص عليه الجوهري على أنه اسمٌ منها بمعنى المألوه كالكتاب لا على أنه صفة منها بدليل أنه يوصف ولا يوصف به حيث يُقال إله واحد ولا يُقال شيء إلهٌ كما يُقال كتاب مرقوم ولا يقال شيء كتاب والفرق بينهما أن الموضوع له في الصفة هو الذاتُ المبهمةُ باعتبار اتصافِها بمعنىً معيّنٍ وقيامِهِ بها فمدلولها مركبٌ من ذاتٍ مُبهمةٍ لم يُلاحظ معها خصوصية أصلاً ومِن معنىً معينٍ قائمٍ بها على أن مَلاك الأمرِ تلك الخصوصية فبأيِّ ذاتٍ يقومُ ذلك المعنى يصحّ إطلاقُ الصفة عليها كما في الأفعال ولذلك تَعْمَلُ عملها كاسمي الفاعلِ والمفعول والموضوع له في الاسم المذكور هو الذاتُ المعينة والمعنى الخاص فمدلوله مركب من ذَيْنِكَ المعنيين من غيرِ رجحانٍ للمنى على الذات كما في الصفة ولذلك لم يعمل عملها وقيل اشتقاقه من إلِهَ بمعنى تحير لأنه سبحانه يحارُ في شأنه العقول والأفهام وأما أَلَهَ كعَبَدَ وزناً ومعنىً فمشتق من الإلَه المشتق من إلِهَ بالكسر وكذا تألَّه واستَأْلَه اشتقاق استنوق واستحجر من الناقة والحَجَر وقيل من أَلِهَ إلى فلان أي سكن إليه لاطمئنان القلوب بذكره تعالى وسكون الأرواح إلى معرفته وقيل من أَلِهَ إذا فزِع من أمرٍ نزل به وآلَهَهُ غيرُه إذا أجاره إذ العائذُ به تعالى يفزَع إليه وهو يُجيره حقيقة أو في زعمه وقيل أصله لاهٌ على أنه مصدرٌ من لاهَ يَلِيهُ بمعنى احتجب وارتفع أطلق على الفاعل مبالغة وقيل هو اسمُ علمٍ للذات الجليل ابتداء وعليه مدار أمر التوحيد في قولنا لا إله إلاَّ الله ولا يخفى أن اختصاصَ الاسم الجليل بذاته سبحانه بحيث لا يمكن إطلاقُه على غيره أصلاً كافٍ في ذلك ولا يقدَح فيه كونُ ذلك الاختصاصِ بطريق الغَلَبة بعد أن كان اسمَ جنسٍ في الأصل وقيل هو وصف الأصل لكنه لما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015