ملاحظةٍ لتحقق المجموعِ الشخصيِّ في علم الله سبحانه أو في اللوح ولا لنزوله جُملةً إلى السماءِ الدُّنيا

{الحكيم} ذي الحِكمة وصُف به لاشتماله على فنون الحِكَم الباهرةِ ونُطقِه بها أو هو من باب وصفِ الكلامِ بصفة صاحبِه أو من باب الاستعارة المكنيةِ المبنيةِ على تشبيه الكتابِ بالحكيم الناطق بالحكمة هذا وقد جعل الكتابُ عبارةً عن نفس السورةِ وكلمةُ تلك إشارةٌ إلى من ضمنها من الآي فإنها في حكم الحاضرِ لا سيما بعد ذكرِ ما يتضمنها من السورة عند بيان اسمِها أو الأمرِ بذكرها أو بقراءتها وينبغي أن يكون المشارُ إليه حينئذ كلَّ واحدةٍ منها لا جميعَها من حيث هو جميعٌ لأنه عينُ السورةِ فلا يكون للإضافة وجهٌ ولا لتخصيص الوصفِ بالمضاف إليه حكمةٌ فلا يتأتى ما قُصد من مدح المضافِ بما للمضاف إليه من صفات الكمال ولأن في بيان اتصافِ كلَ منها بالكمال من المبالغة ما ليس في بيان اتصافِ الكلِّ بذلك والمتبادرُ من الكتاب عند الإطلاقِ وإن كان كلُّه بأحد الوجهين المذكورين لكنّ صحةَ إطلاقِه على بعضه أيضاً مما لا ريب فيها والمعهودُ المشهورُ وإن كان اتصافُ الكل بأحد الاعتبارين بما ذُكر من نعوت الكمالِ إلا أن شهرةَ اتصافِ كل سورةٍ منه بما اتصف به الكلُّ مما لا ينكر وعليه يدور تحققُ مدحِ السورةِ بكونها بعضاً من القرآن الكريم إذ لولا أن بعضَه منعوتٌ بنعت كلِّه داخلٌ تحت حكمهِ لما تسنى ذلك وفيه ما لا يَخفْى من التكلف والتعسف

سورة يونس آية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015