وعليه فمعنى قول الله تعالى: {لا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} أي: لا أعلم ما في ذاتك. وهكذا بقية النصوص التي ورد فيها هذا الإطلاق.

وكلام المصنف ـ رحمه الله ـ هنا يحتمل أمرين:

الأول: أنَّه يعد النفس صفة مستقلة، مثل الرضا والغضب والمحبة والسخط. وهذا ـ كما قرر شيخ الإسلام ـ خطأ.

الثاني: ونأخذه من منهجه الذي هو بصدد الكلام عليه، وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، فيحتمل أن يكون مراده إطلاق ما أطلقه عز وجل في كتابه العزيز من أوصاف أو أخبار. وعلى هذا المعنى يكون كلامه مستقيماً.

ووقع لابن خزيمة ـ رحمه الله ـ نظير ما وقع للمصنف فقال:"فأول ما نبدأ به من ذكر صفات خالقنا جل وعلا في كتابنا هذا: ذكر نفسه جل ربنا أن تكون نفسه كنفس خلقه، وعز أن يكون عدماً لا نفس له"1.

لكن كما قرر شيخ الإسلام وغيره من أهل العلم فليست النفس صفة مستقلة، والنصوص لا تدل على ذلك.

" النفْس " بإسكان الفاء، ويأتي في بعض الأحاديث النفَس بتحريكها مضافة إلى الله كما في قوله صلى الله عليه وسلم:"إني أجد نفَس الرحمن من هاهنا"2. والمراد بالنفَس هنا تنفيسه تبارك وتعالى على عباده، وما يترتب على ذلك من إعانة وتوفيق وسداد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015