تنتقل إليها فالنفس بصفائها عالمة ذلك متذكّرة له غير ناسية وإنّما تغطّي نورها بكدورة البدن إذا اجتمعت معه على مثال الإنسان المتذكر شيئا عرفة ثم نسيه بجنون أصابه او علّة اعترته أو سكر ران على قلبه أما ترى الصبيان والأحداث يرتاحون للدعاء لهم بطول البقاء ويحزنون للدعاء عليهم بعاجل الفناء وماذا لهم وعليهم فيهما لولا أنّهم ذاقوا حلاوة الحياة وعرفوا مرارة الوفاة في مواضي الأدوار التي تناسخوا فيها لوجود المكافاة. وقد كان اليونانيّون موافقين الهند في هذا الاعتقاد، قال سقراط في كتاب «فاذن» ، نحن نذكر في أقاويل القدماء أنّ الانفس تصير من هاهنا إلى «ايذس» ثم تصير أيضا الى ما هاهنا وتكون الأحياء من الموتى والأشياء تكون من الأضداد فالذين ماتوا يكونون في الأحياء فأنفسنا في ايذس قائمة، ونفس كلّ إنسان تفرح وتحزن للشيء وترى ذلك الشيء لها، وهذا الانفعال يربطها بالجسد ويسمّرها به ويصيّرها جسديّة الصورة، والتي لا تكون نقيّة لا يمكنها ان تصير إلى ايذس بل تخرج من الجسد وهي مملوءة منه حتّى إنها تقع في جسد آخر سريعا فكأنّها تودع فيه تثبت ولذلك لا حظّ لها في الكينونة مع الجوهر الإلهي النقيّ الواحد، وقال: إذا كانت النفس قائمة فليس تعلّمنا غير تذكّر ما تعلّمنا في الزمان الماضي لأنّ انفسنا في موضع ما قبل ان تصير في هذه الصورة الإنسيّة، والناس إذا رأوا شيئا قد اعتادوا استعماله في الصبى أصابهم هذا الانفعال وتذكروا من الصنج مثلا الغلام الذي كان يضربه وكانوا نسوه فالنسيان ذهاب المعرفة والعلم تذكّر لما عرفته النفس قبل أن تصير إلى الجسد، وقال «بروقلس» : التذكّر والنسيان خاصّان بالنفس الناطقة وقد بان أنّها لم تزل موجودة فوجب أن تكون لم تزل عالمة وذاهلة أمّا عالمة فعند مفارقتها البدن وأمّا ذاهلة فعند مقاربتها البدن فإنّها في المفارقة تكون من حيّز العقل فلذلك تكون عالمة وفي المقاربة تنحطّ عنه فيعرض لها النسيان لغلبة ما بالقوّة عليها، وإلى هذا المعنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015