وَاَلَّذِي يَسْتَفِيدُهُ بِالْوِلَايَةِ إظْهَارُ حُكْمِ الشَّرْعِ وَإِمْضَاؤُهُ فِيمَا رُفِعَ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُفْتِي فَإِنَّهُ مُظْهِرٌ لَا مُمْضٍ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْقَضَاءُ بِحَقِّهِ أَفْضَلَ مِنْ الْإِفْتَاءِ؛ لِأَنَّهُ إفْتَاءٌ وَزِيَادَةٌ

(هُوَ) أَيْ: قَبُولُهُ مِنْ مُتَعَدِّدِينَ صَالِحِينَ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) بَلْ هُوَ أَسْنَى فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ حَتَّى قَالَ الْغَزَالِيُّ: إنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ وَذَلِكَ لِلْإِجْمَاعِ مَعَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ طِبَاعَ الْبَشَرِ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّظَالُمِ وَقَلَّ مَنْ يُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْإِمَامُ مَشْغُولٌ بِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ فَوَجَبَ مَنْ يَقُومُ بِهِ فَإِنْ امْتَنَعَ الصَّالِحُونَ لَهُ مِنْهُ أَثِمُوا وَأَجْبَرَ الْإِمَامُ أَحَدَهُمْ، أَمَّا تَقْلِيدُهُ فَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ فَوْرًا فِي قَضَاءِ الْإِقْلِيمِ وَعَلَى قَاضِي الْإِقْلِيمِ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يَجُوزُ إخْلَاءُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنْ قَاضٍ، أَوْ خَلِيفَةٍ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِحْضَارَ مِنْ فَوْقِهَا مُشِقٌّ وَبِهِ فَارَقَ اعْتِبَارَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَإِيقَاعُ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الدَّفْعُ إذَا كَانَ فِيهِ تَعْطِيلُ وَتَطْوِيلُ نِزَاعٍ. وَمِنْ صَرِيحِ التَّوْلِيَةِ وَلَّيْتُك أَوْ قَلَّدْتُك الْقَضَاءَ، وَمِنْ كِنَايَتِهَا عَوَّلْت، أَوْ اعْتَمَدْت عَلَيْك فِيهِ، وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا، وَكَذَا فَوْرًا فِي الْحَاضِرِ وَعِنْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ فِي غَيْرِهِ هَذَا مَا فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا، لَكِنْ لَمَّا نَقَلَاهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ بَحَثَا أَنَّهُ يَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الْوَكَالَةِ فَعَلَيْهِ الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ

. (فَإِنْ تَعَيَّنَ) لَهُ وَاحِدٌ بِأَنْ لَمْ يَصْلُحْ غَيْرُهُ (لَزِمَهُ طَلَبُهُ) وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَاضِلًا عَمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْفِطْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنْ خَافَ الْمَيْلَ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ عَالِمٌ بِهِ وَلَمْ يَطْلُبْهُ مِنْهُ بَلْ عَلَيْهِ الطَّلَبُ، وَالْقَبُولُ، وَالتَّحَرُّزُ مَا أَمْكَنَهُ فَإِنْ امْتَنَعَ أَجْبَرَهُ الْإِمَامُ، وَلَيْسَ امْتِنَاعُهُ مُفَسِّقًا؛ لِأَنَّهُ غَالِبًا إنَّمَا يَكُونُ بِتَأْوِيلٍ، نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْإِجَابَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَبُ وَفِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ إلَخْ هَكَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّ هُنَا سَقْطًا فَحَرِّرْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَقَّ وَجَارَ فِي الْحُكْمِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يَسْتَفِيدُهُ إلَخْ) أَيْ: الْحُكْمُ الَّذِي يَسْتَفِيدُهُ الْقَاضِي إلَخْ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِحَقِّهِ) أَيْ: مَعَ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ

(قَوْلُهُ: أَيْ: قَبُولُهُ) لَعَلَّهُ بِمَعْنَى التَّلَبُّسِ بِهِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ قَبُولَهُ غَيْرُ شَرْطٍ. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ) إنْ رَجَعَ هُوَ لِلْقَضَاءِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: قَبُولٍ فَلَا اسْتِخْدَامَ وَالْحُكْمُ بِالِاسْتِخْدَامِ يُحْتَاجُ إلَى إطْلَاقِهِ الْقَضَاءَ بِمَعْنَى الْقَبُولِ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ أَسْنَى) أَيْ أَعْلَى. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ طِبَاعَ الْبَشَرِ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ صَرِيحِ التَّوْلِيَةِ فِي الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: عَلَى التَّظَالُمِ) أَيْ: وَمَنْعِ الْحُقُوقِ وَقَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ مَشْغُولٌ إلَخْ أَيْ: فَلَا يَقْدِرُ عَلَى فَصْلِ الْخُصُومَاتِ بِنَفْسِهِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: أَمَّا تَقْلِيدُهُ) أَيْ: تَوْلِيَتُهُ لِمَنْ يَقُومُ بِهِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ فَوْرًا) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى الْإِمَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ إخْلَاءُ إلَخْ) وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الِاسْتِخْلَافَ كَقَاضِي الْإِقْلِيمِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِحْضَارَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ أَحَدٍ وَبَيْنَ الْقَاضِي مَسَافَةُ الْعَدْوَى فَأَقَلُّ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَمَّا إيفَاءُ الْقَضَاءِ إلَخْ فَفَرْضُ عَيْنٍ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ) أَيْ: بَعْدَ تَدَاعِيهمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْإِمَامِ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَهُ حُكْمُ الْقَاضِي فِي الْقَضَاءِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ أَيْ: مِنْ الْقُضَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ لَفْظًا بَلْ يَكْفِي فِيهِ الشُّرُوعُ بِالْفِعْلِ كَالْوَكِيلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَعَمْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. اهـ.

. (قَوْلُهُ: لَهُ وَاحِدٌ) إلَى قَوْلِهِ: وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَوْ بِبَذْلِ وَقَوْلُهُ: مَا أَمْكَنَهُ إلَى، وَإِنْ خَافَ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ إلَى بَلْ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَصْلُحْ غَيْرُهُ) أَيْ: بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي النَّاحِيَةِ صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ غَيْرُهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَالْمُرَادُ بِالنَّاحِيَةِ بَلَدُهُ وَدُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَاضِلًا عَمَّا يُعْتَبَرُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَثُرَ الْمَالُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي صَرَّحُوا فِيهَا بِسُقُوطِ الْوُجُوبِ حَيْثُ طُلِبَ مِنْهُ مَالٌ، وَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْقَضَاءَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَوَجَبَ بَذْلُهُ لِلْقِيَامِ بِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ. اهـ. ع ش أَقُولُ قَضِيَّةُ صَنِيعِ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى عَدَمُ وُجُوبِ الْبَذْلِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطْلُبْهُ) أَيْ: الْقَضَاءَ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ: الْمُتَعَيِّنِ لِلْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ) أَيْ: الِامْتِنَاعُ مُفَسِّقًا لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِفِسْقِهِ، وَإِلَّا فَالتَّعْلِيلُ لَا يُسَاعِدُ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَقْرَبُ وُجُوبُ الطَّلَبِ، وَإِنْ ظُنَّ عَدَمُ الْإِجَابَةِ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: يَجِبُ الْأَمْرُ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الطَّلَبِ إذَا ظَنَّ الْإِجَابَةَ كَمَا بَحَثَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ) إنْ رَجَعَ هُوَ لِلْقَضَاءِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: قَبُولِهِ فَلَا اسْتِخْدَامَ، وَالْحُكْمُ بِالِاسْتِخْدَامِ يَحْتَاجُ إلَى إطْلَاقِهِ الْقَضَاءَ بِمَعْنَى الْقَبُولِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِحْضَارَ مِنْ فَوْقِهَا مُشِقٌّ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ أَحَدٍ وَبَيْنَ الْقَاضِي مَسَافَةُ الْعَدْوَى فَأَقَلُّ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ) يُتَأَمَّلُ مَعَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ فِي الذَّهَابِ لِلِاسْتِفْتَاءِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الِاحْتِيَاجَ لِلِاسْتِفْتَاءِ دُونَ الِاحْتِيَاجِ لِلْقَضَاءِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ كُلِّ قَاضِيَيْنِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَأَقَلُّ فَلِمَ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْعَدْوَى فَقَطْ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ امْتِنَاعِ إخْلَاءِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنْ قَاضٍ؟ وَقَضِيَّةُ الْمُقَابَلَةِ لِقَوْلِهِ اعْتِبَارُ مَسَافَةِ الْقَصْرِ بَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّهُ شَرَطَ مَا ذُكِرَ، بَلْ الَّذِي شَرَطَهُ أَنْ لَا تَخْلُوَ مَسَافَةُ الْعَدْوَى مِنْ قَاضٍ وَهَذَا مُتَحَقِّقٌ إذَا كَانَ بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى وَلَا يُقَالُ: هَذَا رُبَّمَا يَئُول إلَى انْتِفَاءِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُفْتِيَيْنِ لِمَا هُوَ وَاضِحٌ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ فِيهِ تَعْطِيلٌ) فَالْعَيْنِيَّةُ مُقَيَّدَةٌ. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا) لَا يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ لَفْظًا، بَلْ يَكْفِي فِيهِ الشُّرُوعُ بِالْفِعْلِ كَالْوَكِيلِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، نَعَمْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ م ر ش.

. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَطْلُبْهُ) أَيْ: الْقَضَاءَ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْإِجَابَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَبُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ الْإِجَابَةِ حَيْثُ انْقَطَعَ الِاحْتِمَالُ قَطْعًا فَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبِ الطَّلَبِ فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ عِنْدَ الظَّنِّ وَكَذَا يُقَالُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015