مِنْ نَذْرِ السَّلَامِ قَالَ: فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِنِيَّةٍ أَوْ بِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَكَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَزِيَارَةِ الْقَادِمِ وَتَعْجِيلِ مُؤَقَّتَةٍ أَوَّلَ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ رَغَّبَ فِيهَا فَكَانَتْ كَالْعِبَادَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَمِنْهَا التَّزَوُّجُ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ، حَيْثُ سُنَّ لَهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَمِنْهَا التَّصَدُّقُ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ قَبْرِهِ إنْ لَمْ يُرِدْ تَمْلِيكَهُ وَاطَّرَدَ الْعُرْفُ بِأَنَّ مَا يَحْصُلُ لَهُ يُقْسَمُ عَلَى نَحْوِ فُقَرَاءَ هُنَاكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ هُنَاكَ بَطَلَ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي فِي الْكَعْبَةِ وَالْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ وَالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَالِهِ عَنْ شَيْءٍ لَهَا وَاقْتَضَى الْعُرْفُ صَرْفَهُ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهَا صُرِفَ إلَيْهَا وَاخْتَصَّتْ بِهِ اهـ فَإِنْ لَمْ يَقْتَضِ الْعُرْفُ شَيْئًا فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي تَعْيِينِ الْمَصْرِفِ لِرَأْيِ نَاظِرِهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي النَّذْرِ إلَى مَسْجِدٍ غَيْرِهَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ، وَمِنْهَا إسْرَاجُ نَحْوِ شَمْعٍ أَوْ زَيْتٍ بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَقْبَرَةٍ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَلَوْ عَلَى نُذُورٍ فَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَخَرَجَ بِلَا تَجِبُ ابْتِدَاءً مَا وَجَبَ جِنْسُهُ شَرْعًا كَصَلَاةٍ وَصَدَقَةٍ وَصَوْمٍ وَحَجٍّ وَعِتْقٍ فَيَجِبُ بِالنَّذْرِ قَطْعًا

ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّلَامِ يَشْمَلُ السَّلَامَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لَهُ بِوَجْهٍ فَالْعَجَبُ مِنْ الْأَذْرَعِيِّ مَعَ جَلَالَتِهِ كَيْفَ صَدَرَتْ مِنْهُ هَذِهِ الْمُنَازَعَةُ، وَمِنْ الشَّارِحِ مَعَ مَزِيدِ مُشَاحَّتِهِ لِلْمُتَعَقِّبِينَ لِلْمُصَنِّفِ كَيْفَ أَقَرَّهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَرِينَةٍ) فِيهِ تَأَمُّلٌ. (قَوْلُهُ: وَكَتَشْمِيتِ) إلَى الْكِتَابِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ الذَّاتِيَّةُ إلَى، وَمِنْهَا التَّصَدُّقُ، وَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْجِيلِ مُؤَقَّتَةٍ أَوَّلَ وَقْتِهَا) وَقِيَامِ التَّرَاوِيحِ، وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ، وَالطَّوَافِ، وَسَتْرِ الْكَعْبَةِ وَلَوْ بِالْحَرِيرِ وَتَطْيِيبِهَا، وَصَرْفِ مَالِهِ فِي شِرَاءِ سِتْرِهَا فَإِنْ نَوَى الْمُبَاشَرَةَ لِذَلِكَ بِنَفْسِهِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ بَعْثُهُ إلَى الْقَيِّمِ لِيَصْرِفَهُ فِي ذَلِكَ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: رَغَّبَ فِيهَا) أَيْ: الْمَذْكُورَاتِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا التَّزَوُّجُ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الْقُرْبَةِ الَّتِي لَا تَجِبُ ابْتِدَاءً أَوْ مِنْ الْعِبَادَاتِ الذَّاتِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا التَّصَدُّقُ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ قَبْرِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ، وَمَنْ نَذَرَ زَيْتًا أَوْ شَمْعًا لِإِسْرَاجِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ وَقَفَ مَا يُشْتَرَيَانِ بِهِ مِنْ غَلَّتِهِ صَحَّ كُلٌّ مِنْ النَّذْرِ وَالْوَقْفِ إنْ كَانَ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ أَوْ غَيْرَهُ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ نَحْوِ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ

وَقَدْ ذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَقَالَ: فِي إيقَادِ الشُّمُوعِ لَيْلًا عَلَى الدَّوَامِ، وَالْمَصَابِيحِ الْكَثِيرَةِ نَظَرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِسْرَافِ، وَأَمَّا الْمَنْذُورُ لِلْمَشَاهِدِ الَّتِي بُنِيَتْ عَلَى قَبْرِ وَلِيٍّ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ قَصَدَ النَّاذِرُ بِذَلِكَ التَّنْوِيرَ عَلَى مَنْ يَسْكُنُ الْبُقْعَةَ أَوْ يَتَرَدَّدُ إلَيْهَا فَهُوَ نَوْعُ قُرْبَةٍ، وَحُكْمُهُ مَا ذُكِرَ أَيْ: الصِّحَّةُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْإِيقَادَ عَلَى الْقَبْرِ، وَلَوْ مَعَ قَصْدِ التَّنْوِيرِ فَلَا، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ، وَهُوَ الْغَالِبُ مِنْ الْعَامَّةِ تَعْظِيمَ الْبُقْعَةِ أَوْ الْقَبْرِ أَوْ التَّقَرُّبَ إلَى مَنْ دُفِنَ فِيهَا أَوْ نُسِبَتْ إلَيْهِ فَهَذَا نَذْرٌ بَاطِلٌ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ لِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ خُصُوصِيَّاتٍ لِأَنْفُسِهِمْ، وَيَرَوْنَ أَنَّ النَّذْرَ لَهَا مِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ الْبَلَاءُ قَالَ: وَحُكْمُ الْوَقْفِ كَالنَّذْرِ انْتَهَى. اهـ. زَادَ الْمُغْنِي فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ رُدَّ إلَى مَالِكِهِ وَإِلَى وَارِثِهِ بَعْدَهُ، وَإِنْ جُهِلَ صُرِفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ الْمُهْدَى: إلَى الْمَسَاجِدِ مِنْ زَيْتٍ أَوْ شَمْعٍ إنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ نَذْرٌ وَجَبَ صَرْفُهُ إلَى جِهَةِ النَّذْرِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ أَفْرَطَ فِي الْكَثْرَةِ، وَإِنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لَمْ يَجُزْ التَّصَرُّفُ فِيهِ إلَّا عَلَى وَفْقِ إذْنِهِ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَظُنَّ أَنَّ بَاذِلَهُ مَاتَ فَقَدْ بَطَلَ إذْنُهُ، وَوَجَبَ رَدُّهُ إلَى وَارِثِهِ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ وَارِثٌ صُرِفَ فِي مَصَارِفِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ قَصْدُ الْمُهْدِي أَجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامَ الْمَنْذُورِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ أَوْ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: عَنْ شَيْءٍ) لَعَلَّ عَنْ زَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: إلَى مَسْجِدِ غَيْرِهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ فِي أَمْثِلَةِ مَا يَنْعَقِدُ بِالنَّذْرِ، وَتَطْيِيبُ مَسْجِدٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَلَوْ غَيْرَ الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّ تَطْيِيبَ الْمَسْجِدِ سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ كَكِسْوَةِ الْكَعْبَةِ بِحَرِيرٍ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ أَيْ: الْمَسْجِدِ مَشَاهِدَ الْعُلَمَاءِ، وَالصُّلَحَاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَمَرَّ حُرْمَةُ كِسْوَتِهَا بِالْحَرِيرِ، وَأَمَّا بِغَيْرِهِ فَهُوَ مُبَاحٌ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ انْتَهَى. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِلسُّبْكِيِّ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا إسْرَاجُ نَحْوِ شَمْعٍ إلَخْ) وَفِي الْعُبَابِ لَوْ نَذَرَ سَتْرَ الْكَعْبَةِ، وَلَوْ بِحَرِيرٍ أَوْ تَطْيِيبَهَا أَوْ صَرْفَ مَالٍ لِذَلِكَ لَزِمَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَخَرَجَ بِسَتْرِهَا سَتْرُ غَيْرِهَا مِنْ الْمَسَاجِدِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْحَرِيرِ حَرَامٌ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَالْغَزَالِيِّ

وَأَمَّا بِغَيْرِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ هُوَ حَرَامٌ أَيْضًا، وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ إذَا كَانَ فِيهِ وِقَايَةُ الْمُصَلِّينَ الْمُسْتَنِدِينَ إلَى جُدُرِهَا مِنْ نَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ وَسَخٍ انْتَهَى ثُمَّ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَإِنْ نَذَرَ تَطْيِيبَ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ فَالْمُخْتَارُ أَيْ: كَمَا فِي

ـــــــــــــــــــــــــــــSوَنَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمُنَازَعَةَ بَعْدَ تَمَامِهَا لَا تَضُرُّ الْمُصَنِّفَ فِيمَا قَالَهُ. (قَوْلُهُ وَمِنْهَا إسْرَاجُ نَحْوِ شَمْعٍ أَوْ زَيْتٍ بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَقْبَرَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ فِي أَمْثِلَةِ مَا يَنْعَقِدُ بِالنَّذْرِ وَتَطْيِيبُ مَسْجِدٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَوْ غَيْرَ الْكَعْبَةِ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاوِي تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَإِنْ أَقَرَّاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا؛ لِأَنَّ تَطْيِيبَ الْمَسْجِدِ سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ كَكُسْوَةِ الْكَعْبَةِ بِحَرِيرٍ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ مِثْلُهُ مَشَاهِدَ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَرَّ حُرْمَةُ كُسْوَتِهَا بِالْحَرِيرِ، وَأَمَّا بِغَيْرِهِ فَهُوَ مُبَاحٌ فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ انْتَهَى وَفِي الْعُبَابِ لَوْ نَذَرَ سَتْرَ الْكَعْبَةِ وَلَوْ بِحَرِيرٍ أَوْ تَطْيِيبَهَا أَوْ صَرْفَ مَالٍ لِذَلِكَ لَزِمَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَخَرَجَ بِسَتْرِهَا سَتْرُ غَيْرِهَا مِنْ الْمَسَاجِدِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ عَلَى الْأَوْجَهِ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّهُ بِالْحَرِيرِ حَرَامٌ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَالْغَزَالِيِّ، وَأَمَّا بِغَيْرِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ: هُوَ حَرَامٌ أَيْضًا وَهُوَ بَعِيدٌ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ إذَا كَانَ فِيهِ وِقَايَةُ الْمُصَلِّينَ الْمُسْتَنِدِينَ إلَى جُدُرِهَا مِنْ نَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ وَسَخٍ انْتَهَى، ثُمَّ قَالَ فِي الْعُبَابِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015