تحفه القادم (صفحة 167)

حُمَمٌ فوقها من البيضِ نارٌ ... كُلُّ من أُرسلت عليه رَماد

ومن الخَطّ في يدَيْ كلِّ ذِمْر ... ألِفٌ خطّها على البحر صاد

وما أحسن قول شيخنا أبي الحسن ابن حريق في هذا المعنى من قصيد أنشدنيه:

وكأنَّما سكن الأراقمُ جوفَها ... من عهد نوحٍ خشيةَ الطُّوفانِ

فإذا رأينَ الماء يطفح نَضْنَضت ... من كُلِّ خَرْتٍ حيَّةٌ بلسان

ولم يسبقهم بالإحسان، وإن كان سبقهم بالزمان، عليّ بن محمد الإياديّ التونسي في قوله:

شَرعوا جوانبَها مجادفَ أتعبتْ ... شأْوَ الرِّياح لها ولمّا تَتْعبِ

تنضاعُ من كَثبٍ كما نفرَ القطا ... طوراً وتجتمع اجتماعَ الرَّبرب

والبحرُ يجمعُ بينها فكأنه ... ليلٌ يُقَرِّب عقرباً من عقرب

وله من هذه القصيدة الفريدة في ذكر الشراع:

ولها جَناحٌ يُستعارُ يُطيرها ... طوعَ الرِّياحِ وراحةَ المُتطرِّبِ

يعلو بها حُدْبَ العُبابِ مُطارهُ ... في كلِّ لُجٍّ زاخرٍ مُعْلولب

يسمو بآخرَ في الهواءِ مُنَصَّب ... عريان منسرح الذؤابة شؤذب

يتنزّل الملاّحُ منه ذُؤابةً ... لو رامَ يركبها القطا لم يَرْكب

وكأنما رام استراقةَ مَقْعد ... للسَّمع إلاَّ أنَّه لم يُشْهَب

وكأنما جنّ ابن داودٍ همُ ... ركبوا جوانبها بأعنفِ مركب

سَجروا جواهم بينهم فتقاذفوا ... منها بألسنِ مارجٍ متلهب

من كلِّ مسجورِ الحريق إذا انبرى ... من سجنه انصلتَ انصلاتَ الكوكب

عريانُ يقدمهُ الدخانُ كأنه ... صبحٌ يكرُّ على ظلامٍ غيهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015