وهذا من جنس الأسباب العادية، فإن الرجل إذا كان معروفاً بالصلاح، وإجابة الدعاء، فطلب منه الدعاء، أو أمر به، فدعا الله واستجيب له، لا يكون هو الفاعل للاستجابة، وليس المطلوب منه ما يختص بالله من الفعل، وإنما يطلب منه ما يختص به من الدعاء والتضرع.

فالآية من أدلة التوحيد، وصرف الوجوه إلى الله، وإقبال القلوب عليه، فإن آصف توسل إلى الله بتوحيده وربوبيته، وقَصَدَه وحده، ولم يقصد سليمان ولا غيره، مع أن سليمان أفضل منه لنبوته.

وفيها أن الأنبياء لا يسألون ولا يقصدون، بل ربما صار حصول مقصودهم، ونيل مطلوبهم على يد من هو دونهم من المؤمنين.

وأن أعظم الوسائل وأشرف المقاصد هو توحيد الله بعبادته ودعائه وحده لا شريك له، كما فعل آصف.

وفيها براءة أولياء الله من الحول والقوة، كما دلت عليه القصة، فإنه1 توضأ، وصلى، ودعا، فقال في دعائه: "يا ذا الجلال والإكرام" قاله مجاهد.

وقال الزهري2: يا إِلهَنا وإله كل شيء، إلهاً واحداً، لا إله إلا أنت، ائتني بعرشها".

فأي شبهة تبقى مع هذا، وأي حجة فيه على أن غير الله يدعى؟

1 في النسخ الخطية: "وأنه".

2 في طبعة آل ثاني: "الزيادي" وهو خطأ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015