تحفه الاحوذي (صفحة 3535)

38 - كتاب الإيمان

قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ هُوَ (أَيِ الْإِيمَانُ) قَوْلٌ وَفِعْلٌ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ الْمُرَادُ بِالْقَوْلِ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَأَمَّا الْعَمَلُ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ لِيَدْخُلَ الِاعْتِقَادُ وَالْعِبَادَاتُ وَمُرَادُ مَنْ أَدْخَلَ ذَلِكَ فِي تَعْرِيفِ الْإِيمَانِ وَمَنْ نَفَاهُ إِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَالسَّلَفُ قَالُوا هُوَ اعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ وَنُطْقٌ بِاللِّسَانِ وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَأَرَادُوا بِذَلِكَ أَنَّ الْأَعْمَالَ شَرْطٌ في كماله

ومن هنا نشألهم الْقَوْلُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ كَمَا سَيَأْتِي

وَالْمُرْجِئَةُ قَالُوا هُوَ اعْتِقَادٌ وَنُطْقٌ فَقَطْ

وَالْكَرَّامِيَّةُ قَالُوا هُوَ نُطْقٌ فَقَطْ وَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا هُوَ الْعَمَلُ وَالنُّطْقُ وَالِاعْتِقَادُ

وَالْفَارِقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْأَعْمَالَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ وَالسَّلَفُ جَعَلُوهَا شَرْطًا فِي كَمَالِهِ

وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا قُلْنَا بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْدَنَا فَالْإِيمَانُ هُوَ الْإِقْرَارُ فَقَطْ فَمَنْ أَقَرَّ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِكُفْرٍ إِلَّا إِنِ اقْتَرَنَ بِهِ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى كُفْرِهِ كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْكُفْرِ كَالْفِسْقِ فَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْإِيمَانَ فَبِالنَّظَرِ إِلَى إِقْرَارِهِ وَمَنْ نَفَى عَنْهُ الْإِيمَانَ فَبِالنَّظَرِ إِلَى كَمَالِهِ وَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْكُفْرَ فَبِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّهُ فِعْلُ الْكَافِرِ وَمَنْ نَفَاهُ عَنْهُ فَبِالنَّظَرِ إِلَى حَقِيقَتِهِ

وَأَثْبَتَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْوَاسِطَةَ

فَقَالُوا الْفَاسِقُ لَا مُؤْمِنٌ لَا كَافِرٌ انْتَهَى مَا فِي الْفَتْحِ

قَالَ الْعَيْنِيُّ فَإِنْ قُلْتَ الْإِيمَانُ عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَاعْتِقَادٌ فَكَيْفَ ذَكَرَ الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ وَلَمْ يَذْكُرِ الِاعْتِقَادَ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ قُلْتُ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ الِاعْتِقَادَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَالْكَلَامُ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ هَلْ هُمَا مِنْهُ أَمْ لَا فَلِأَجْلِ ذلك ذكر ما هو المتنازع فيه

(بَاب مَا جَاءَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا)

لَا إله إلا الله [2606] قَوْلُهُ (أُمِرْتُ) أَيْ أَمَرَنِي اللَّهُ لِأَنَّهُ لَا آمِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا اللَّهُ

وَقِيَاسُهُ فِي الصَّحَابِيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015