حليم إذا ما الحلم زين أهله ... مع الحلم في عين العدو مهيب

فقوله: حليم مدح حسن، وقوله: إذا ما الحلم زين أهله احتراس، لولاه لكان المدح مدخولاً، إذ بعض التغاضي قد يكون عن عجز يوهم أنه حلم، فإن التجاوز لا يكون حلماً محققاً إلا إذا كان عن قدرة، وهو الذي قصده الشاعر بقوله: " إذا ما الحلم زين أهله " ويعضد هذا التفسير قول سالم ابن وابصة: بسيط

وحلم ذي العجز ذلك أنت عارفه ... والحلم عن قدرة ضرب من الكرم

فحاصل قول الغنوي أن ممدوحه حليم في الموضع الذي يحسن فيه الحلم، ثم رأى أن المدح بمجرد الحلم لا يكمل به المدح، لأن من لم يعرف منه إلا الحلم، ربما طمع فيه عدوه ونال منه ما يذم بسببه، فكمل مدحه بأن قال:

مع الحلم في عين العدو مهيب

ولقد أحسن هذا الشاعر في احتراسه في صدر البيت وعجزه معاً باحتراسين حسنين.

أما الذي في الصدر فقد تقدم تنبيهنا عليه، وهو قوله: " إذا ما الحلم زين أهله "، وأما الذي في العجز فقوله:

مع الحلم في عين العدو مهيب

لأن المهابة قد تكون مع الجهل.

ومن مليح التكميل قول السموءل: طويل:

وما مات منا سيد في فراشه ... ولا طل منا حيث كان قتيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015