ومن هاهنا نبتدئ في سياقه: أبواب المتأخرين بعدهما، فأولها:

باب الاحتراس

وهو أن يأتي المتكلم بمعنى يتوجه عليه دخل، فيفطن له، فيأتي بما يخلصه من ذلك، والفرق بين الاحتراس، والتكميل، والتتميم أن المعنى قبل التكميل صحيح تام، ثم يأتي التكميل بزيادة يكمل بها حسنه إما بفن زائد أو بمعنى، والتتميم يأتي ليتمم نقص المعنى ونقص الوزن معاً والاحتراس لاحتمال دخل على المعنى، وإن كان تاماً كاملاً، ووزن الكلام صحيحاً، وقد جعل ابن رشيق الاحتراس نوعاً من التتميم، وسوى بينهما، وقد ظهر الفرق بينهما، فجعلهما في باب واحد غير سائغ.

والفرق بينه وبين المواربة بالراء المهملة أيضاً، أن الاحتراس يؤتى به وقت العمل عند ما يتفطن المتكلم لموضع الدخل، والمواربة يؤتى بها وقت العمل، وبعد صيرورة الكلام، والمواربة بالراء المهملة، تكون بالتصحيف والتحريف واهتدام الكلمة، والزيادة والنقص، والاحتراس بزيادة الجمل المفيدة المتضمنة معنى الانفصال عما يحتمله الكلام من الدخل، والمواربة تكون في نفس الكلام وتكون منفصلة عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015