تزعم، وهذا هو ظاهر اللفظ، ولكن ما باطنه أيها الفهامة، فإنه يقال إن للكلامِ ظهراً وبطناً وحدًّا ومطلعاً.

لو كنت تعرف هذا أو تفهمه أفلا تسأل نفسك لِمَ لم تعجبني كل الفصول التي كتبتها في الأدب وتاريخه وأنت تتخبط منذ سنتين

وتكتب كل أسبوع مرة، فإن سألتها فهل تستخرج من ذلك إلا أن هذه الفصول هي في رأيي خلط مخلوط تركب فيها الشطط ثم تعتسف الطريق ثم تضع التاريخ كما تخلقه أنت لا كما خلقه الله، وتصول على الأموات الذين لا يملكون دفعاً ولا ردًّا ولا حواراً ولا جواباً، فإذا استخرجت هذا فهل ينتج لك إلا أن إعجابي بهذين الفصلين خاصة إنما كان لأنك تصادم الأحياء الذين

يستطيعون أن يدفعوا عن أنفسهم وأن يردوك إلى الطريقة المسلوكة والنهج

القاصد إن كانوا على شيء مما يسمى به الكاتب كاتباً والأديب أديباً، ولم

يكونوا بهذا الجبن الهالع المخزي الذي ميز أبا حية بسيفه الخشبي. . . وجعله

بطل المعركة، وأنت تعرف القصة بعد.

ثم رأيتك تنحط في منزلة دون المنزلتين مما يدل على بعدك من الإنصاف

وذهابك عن حقيقة النقد، فتزعم أن "كل جملة من جمل الكتب تبعث في

نفسك شعوراً قوياً أن الكاتب يلدها ولادة وهو يقاسي في هذه الولادة ما تقاسيه الأم من آلام الوضع" كذا كذا، لقد نبغت في الخيال بعد أن قرأت "رسائل الأحزان " وستنبغ أكثر من هذا بعد أن تقرأ "السحاب الأحمر" الذي أهديتك إياه، على أني لو أردت أن آخذ معك في كتابتي هذا المأخذ لجعلتك تتلوى من الكلام المؤلم على مثل أسنان الإبَر، ولاستقبلتك بما لا تدري معه أين تذهب ولا كيف تتوارى، كالإعصار الذي يأخذ عليك الجهات الأربع من آفاقها، أفانت تقوم لي في باب الاستعارة والمجاز والتشبيه؛ ولكني أدع هذا الآن، فحدثني من أين علمت أني أكتب على هذه الهيئة؟

لعلك أخذت هذا المعنى البذيء من قولي لك "أتظن أني أكتب هذه الكتابة وأنا نائم؟ ألا إني أتعب نفسي لتجديد الآثار الفنية في البيان العربي "

هذه هي كلماتي بالحرف الواحد، فأنا لا أكاد أنسى ما أقول وما يقال لي.

ولقد كتبت رسائل الأحزان في ستة وعشرين يوماً فاكتب أنت مثلها في

ستة وعشرين شهراً، وأنت فارغ لهذا العمل وأنا مشغول بأعمال كثيرة لا تدع لي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015