لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليعمنكم الله بعقابه ثم لتدعن فلا يجاب لكم}.

ومن ذلك توهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج: أن معناه: حدثوا عن بني إسرائيل بما صح عندكم وبما لم يصح. وليس كذلك. قال لنا الشيخ أبو محمد عبد الحق أيده الله: إنما المعنى لا حرج عليكم ألا تحدثوا عن بني إسرائيل، لأن أول الحديث واجب، عليكم أن تبلغوا عني ولو آية. وليس بواجب عليكم أن تحدثوا بما صح عندكم من حديث بني إسرائيل، بل إن شئتم حدثوا، وإن شئتم لا تحدثوا، لا حرج عليكم في ذلك، كما عليكم الحرج إذا لم تبلغوا عني.

ومن ذلك احتجاج من أذنب ذنبا بأن آدم حج موسى بقوله: أفتلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق؟ وليس لأحد منا أن يحتج بهذا الحديث. ولا يجوز أن نقيس ذنوبنا بذنب آدم عليه السلام لأنه قد غفر الله له، وأعلمنا بذلك. وما غفره الله من الذنوب فلا يلام عليه صاحبه. وإنما اللوم والعقوبة منا على من لم يعلمنا الله تعالى أنه قد غفر له. ألا ترى أن الكافر إذا أسلم لا يلام ولا يعاقب على شيء مما أتى في حال كفره، لأن الله عز وجل قد أعلمنا مغفرته له بعقوبة: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} والمؤمن المذنب بخلاف ذلك. فالأمران مفترقان.

ومن ذلك قولهم: العامة مشتقة من العمى. وليس كما ظنوا. إنما العامة من العموم ولو كانت من العمى لقيل: العامية بالياء وتخفيفها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015