الْمُرْتَهِنِ يَوْمَ قَبْضِهِ، فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَإِذَا وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ وَلَدًا ثُمَّ إنَّ الرَّاهِنَ زَادَ مَعَ الْوَلَدِ عَبْدًا وَقِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَالدَّيْنُ أَلْفٌ فَالْعَبْدُ رَهْنٌ مَعَ الْوَلَدِ خَاصَّةً يُقْسَمُ مَا فِي الْوَلَدِ عَلَيْهِ يَوْمَ فِكَاكِهِ وَعَلَى الْعَبْدِ الَّذِي زِيدَ عَلَيْهِ.

؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ زِيَادَةً مَعَ الْوَلَدِ دُونَ الْأُمِّ وَالْوَلَدُ لَا حِصَّةَ لَهُ إلَّا وَقْتَ الْفِكَاكِ فَمَا أَصَابَ الْوَلَدَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قُسِمَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْعَبْدِ الزِّيَادَةُ لِمَا ذَكَرْنَا، وَقِيلَ ذَلِكَ الْوَلَدُ تَبَعٌ لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ قَبْلَ الْفِكَاكِ بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إذَا هَلَكَ خَرَجَ مِنْ الْعَقْدِ، فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَبَطَلَ الْحُكْمُ فِي الزِّيَادَةِ، وَكَذَا لَوْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ فِكَاكِ الْوَلَدِ هَلَكَتْ بِغَيْرِ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ، وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَعَ الْأُمِّ قُسِمَ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ قَبْضِهَا، وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ قَبْضِهَا لِمَا ذَكَرْنَا فَمَا أَصَابَ الْأُمَّ قُسِمَ عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهَا إذَا هَلَكَتْ فَمَا أَصَابَ الْأُمَّ ذَهَبَ وَسَقَطَ وَمَا أَصَابَ الْوَلَدَ افْتَكَّ بِهِ الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ دَخَلَتْ عَلَى الْأُمِّ فَيُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَيْهَا وَعَلَى الزِّيَادَةِ أَوَّلًا.

ثُمَّ مَا أَصَابَ الْأُمَّ قُسِمَ عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهَا إذَا هَلَكَتْ وَبَقِيَ الْوَلَدُ إلَى الْفِكَاكِ، وَلَوْ هَلَكَ الْوَلَدُ بَعْدَ هَلَاكِهَا قَبْلَ الْفِكَاكِ أَوْ هَلَكَ هُوَ وَحْدَهُ دُونَهَا ذَهَبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا حِصَّةَ لَهُ إلَّا وَقْتَ الْفِكَاكِ، فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَصْلًا فَبَقِيَ حِصَّةُ الْأُمِّ كُلُّهَا عَلَيْهَا تَذْهَبُ بِهَلَاكِهَا وَحِصَّةُ الزِّيَادَةِ أَيْضًا تَذْهَبُ بِذَهَابِ الزِّيَادَةِ فَصَارَ كَأَنَّ الرَّهْنَ فِي الْأُمِّ وَحْدَهَا، وَزَادَ الْعَبْدُ عَلَيْهَا فَأَيُّهُمَا هَلَكَ هَلَكَ بِحِصَّتِهِ وَافْتَكَّ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ رَهَنَ عَبْدًا بِأَلْفٍ فَدَفَعَ عَبْدًا آخَرَ رَهْنًا مَكَانَ الْأَوَّلِ وَقِيمَةُ كُلٍّ أَلْفٌ فَالْأَوَّلُ رَهْنٌ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنُ فِي الْآخِرِ أَمِينٌ حَتَّى يَجْعَلَهُ مَكَانَ الْأَوَّلِ)؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ وَالدَّيْنِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ مَا دَامَا بَاقِيَيْنِ إلَّا بِنَقْضِ الْقَبْضِ، فَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ فِي ضَمَانِهِ لَا يَدْخُلُ الثَّانِي فِي ضَمَانه؛ لِأَنَّهُمَا رَضِيَا بِدُخُولِ أَحَدِهِمَا فِيهِ لَا بِدُخُولِهِمَا فِيهِ فَإِذَا رَدَّ الْأَوَّلَ دَخَلَ الثَّانِي فِي ضَمَانِهِ، ثُمَّ قِيلَ يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ الْقَبْضِ فِيهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الثَّانِي يَدُ أَمَانَةٍ وَيَدُ الرَّاهِنِ يَدُ اسْتِيفَاءٍ وَضَمَانٍ فَلَا تَنُوبُ عَنْهُ كَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ جِيَادٌ فَاسْتَوْفَى زُيُوفًا يَظُنُّهَا جِيَادًا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا زُيُوفٌ وَطَالَبَهُ بِالْجِيَادِ وَأَخَذَهَا.

فَإِنَّ الْجِيَادَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ مَا لَمْ يَرُدَّ الزُّيُوفَ وَيُجَدِّدَ الْقَبْضَ فِي الْجِيَادِ، وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ تَبَرُّعٌ كَالْهِبَةِ وَعَيْنُهُ أَمَانَةٌ عَلَى مَا عُرِفَ وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْأَمَانَةِ؛ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ عَيْنَهُ أَمَانَةٌ وَالْقَبْضُ يُرَدُّ عَلَى الْعَيْنِ فَيَنُوبُ قَبْضُ الْأَمَانَةِ عَنْ قَبْضِ الْعَيْنِ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ هَلَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ اسْتِحْسَانًا خِلَافًا لِزُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ أَوْ بِجِهَتِهِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الْوُجُودِ كَمَا فِي الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ، وَلَمْ يَبْقَ الدَّيْنُ بِالْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ وَلَا جِهَتِهِ لِسُقُوطِهِ إلَّا إذَا مَنَعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ، فَيَصِيرُ غَاصِبًا بِالْمَنْعِ وَكَذَا إذَا ارْتَهَنَتْ الْمَرْأَةُ بِصَدَاقِهَا رَهْنًا فَأَبْرَأَتْهُ أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ أَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَيْهِ أَوْ ارْتَدَّتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهَا يَهْلَكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ.

وَلَوْ اسْتَوْفَى الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ بِإِيفَاءِ الرَّاهِنِ أَوْ بِإِيفَاءِ مُتَطَوِّعٍ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا اسْتَوْفَى إلَى مَنْ اسْتَوْفَى مِنْهُ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَوْ الْمُتَطَوِّعُ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَسْقُطُ بِهِ الدَّيْنُ أَصْلًا وَبِالِاسْتِيفَاءِ لَا يَسْقُطُ لِقِيَامِ الْمُوجِبِ، وَهُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلدَّيْنِ لَكِنْ يَكُونُ الْمَقْبُوضُ مَضْمُونًا عَلَى الْقَابِضِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا وَمَعْنَاهُ أَنَّ دَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي مُطَالَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ اسْتِيفَاءٍ يُوجَدُ يَعْقُبُ مُطَالَبَةً مِثْلَهُ فَيُؤَدِّي إلَى الدَّوْرِ فَتُرِكَ الطَّلَبُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فَأَمَّا الدَّيْنُ نَفْسُهُ فَثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ يَتَقَرَّرُ الِاسْتِيفَاءُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الِاسْتِيفَاءُ بِقَبْضِ الرَّهْنِ وَيُنْتَقَضُ الِاسْتِيفَاءُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْحَقِيقَةُ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى بِالدَّيْنِ عَيْنًا أَوْ صَالَحَ عَنْ الدَّيْنِ عَلَى عَيْنٍ.

وَكَذَا إذَا أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِالدَّيْنِ عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ، وَهَلَكَ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَرَاءَةِ بِطَرِيقِ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِالْحَوَالَةِ عَنْ مِلْكِ الْمُحِيلِ مِثْلَ مَا كَانَ لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ أَوْ مِثْلَ مَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ، وَكَذَا إذَا تَصَادَقَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ لِتَوَهُّمِ وُجُوبِ الدَّيْنِ بِالتَّصَادُقِ عَلَى

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ) كَمَا فِي الْإِبْرَاءِ اهـ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَسْقُطُ بِهِ الدَّيْنُ إلَخْ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَلَوْ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ رَدَّ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَمْ يَسْقُطْ الدَّيْنُ عَنْ الْغَرِيمِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ وَلِهَذَا صَحَّتْ الْهِبَةُ، وَإِذَا بَقِيَ أَصْلُ الدَّيْنِ بَقِيَ الرَّهْنُ فَبَقِيَ الضَّمَانُ اهـ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى) أَيْ الْمُرْتَهِنُ. اهـ. (قَوْلُهُ بِالدَّيْنِ عَيْنًا) أَيْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ صَالَحَ عَنْ الدَّيْنِ عَلَى عَيْنٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ. اهـ. هِدَايَةٌ أَيْ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الدَّيْنِ عَلَى الْعَيْنِ اسْتِيفَاءٌ لِلدَّيْنِ اهـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ فَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ قِيمَتِهِ اهـ غَايَةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ) أَعْنِي أَنَّ الْمُحْتَالَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ عَنْ الْمُحِيلِ فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا بَرَاءَةٌ وَقَعَتْ بِطَرِيقِ الْأَدَاءِ فَلَا يَخْرُجُ الرَّهْنُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا، فَإِذَا هَلَكَ بِالدَّيْنِ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَنِدُ حُكْمُ الِاسْتِيفَاءِ عِنْدَ الْهَلَاكِ إلَى الْقَبْضِ السَّابِقِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحَالَ بِالدَّيْنِ وَلَا دَيْنَ. اهـ. أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي وَلَوْ ارْتَهَنَ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يُسَاوِيهَا ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَدْ مَاتَ الْعَبْدُ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيِّ فِي شَرْحِهِ الَّذِي هُوَ مَبْسُوطُهُ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ عَلَى ظَاهِرِ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ دُونَ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الْقَرْضِ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ حَقِيقَةً بِمَا سَاوَمَهُ، وَلَمْ يُحَقِّقْهُ فَكَذَا الْمَقْبُوضُ عَلَى ظَاهِرِ الدَّيْنِ. اهـ. غَايَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015