تاملات (صفحة 121)

وهذا يعني أنها تعطي للتضامن الإفريقي الآسيوي أقصى معناه الفعال في إدراك الشعوب، لأنها تغرس روحه في كيانهم، محققة بذلك القاعدة الإيديولوجية التي لا كيان لسياسة بدونها.

2 - ومن الوجهة العملية التطبيقية فإنها- بوصفها مشروعاً لعمل مخطط- تحرك أقصى ما يمكن من الطاقات الاجتماعية، لمواجهة أكثر ما يمكن من المشكلات الحيوية، المتصلة بواقع النموذج الاجتماعي، الذي اكتشفه زائر السماء على هذا المحور، فتغير بذلك وجه العالم كما يتوقع ذلك الكاتب الغربي الذي ذكرناه في صدر هذا الحديث.

لكن على شرط أن هذا العمل المخطط يحمل كل معناه، على أن يكون عمل

بناء لاعمل تكديس، لأن الحضارة لا تصنعها (كومة) من الأشياء المستوردة، وإنما هي بناء تطبعه فكرة معينة، كما تطبع فكرة المهندس المعماري العمارة التي شرع في بنائها، وإننا لنترك جانباً الحديث عن الشروط الفنية التي يقوم على أساسها هذا البناء.

ولكن إذا ما توافرت هذه الشروط كلها في تخطيط البناء الإفريقي الآسيوي، وفي المفهوم الأيديولوجي الذي تعبر عنه كلمة التضامن، فإن موجة جديدة ستغمر تاريخ الإنسانية من طنجة إلى جاكرتا، الموجة التي تدفعها ملحمة الإنسان الإفريقي الآسيوي في القرن العشرين، لتكون الكلمة الفاصلة في الحوار التاريخي بين المحورين.

حلب 29/ 12/ 1960

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015