إن معنى السورة فى اللغة: المنزلة، وهى فى الاصطلاح قريبة الصلة بهذا المعني اللغوى، فهى فى القرآن منزلة بعد منزلة، ومن معانيها اللغوية كذلك الشرف، وما طال من البناء وحسن، وكذلك العلامة وغير ذلك. وقيل فى وجه العلاقة بين اسم السورة القرآنية وسور المدينة: إن فى سور القرآن وضع كلمة بجانب كلمة، وآية بجانب آية كالسور توضع كل لبنة منه بجانب لبنة، ويقام كل صف منه على صف، ولما فى السورة من معنى العلو والرفعة المعنوية الشبيهة بعلو السور ورفعته الحسية وإما لأنها حصن وحماية لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، وما جاء به من كتاب الله القرآن ودين الحق الإسلام باعتبار أنها معجزة تخرس كل مكابر، ويحق الله بها الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون، وهذا أشبه بسور المدينة؛ يحصنها ويحميها غارة الأعداء وسطوة الأشقياء.

وسور القرآن الكريم تختلف طولا وقصرا؛ فأقصر سورة فيه سورة الكوثر وأطول سورة فيه سورة البقرة، وبين سورة البقرة وسورة الكوثر سور كثيرة تختلف طولا وتوسطا وقصرا. ويرجع الطول والقصر والتوسط إلى الذى أنزله وحده جل شأنه لحكم سامية تعلمها ويدركها من رسخ فى العلم، وصفت سريرته، ومن هذه الحكم ما أشار إليه المتأملون فيما يلى:

التيسير على الناس وتشويقهم فى حسن استقبالهم للقرآن الكريم استقبال الفهم والحفظ والعمل والمدارسة والتدوين والتعليم.

ومن ذلك أيضا: معالجة الموضوعات معالجة تتلاءم مع حجم الموضوع وأهميته، والدلالة على موضوع الحديث ومحور الكلام، وهذا يتضح بما ورد فى سورة البقرة مثلا من موضوعات، وسورة يوسف وسورة النحل وسورة الجن وهكذا.

ومنها: الإشارة والبينة إلى أن طول السورة ليس شرطا فى إعجازها، بل هى معجزة وإن بلغت الغاية فى القصر كسورة الكوثر.

ومنها: أن القارئ إذا أتم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ فى الآخر كان أنشط له وأبعث على التحصيل منه لو استمر على الكتاب بطوله، ومثل هذا كمثل المسافر إذا قطع مسافة معينة نفّس ذلك عنه ونشط للسير ومن ثم جزّأ القرآن أجزاء وأخماسا.

ومنها: أن الحافظ إذا صدق السورة اعتقد أنه أخذ من كتاب الله طائفة مستقلة بنفسها فيعظم عنده ما حفظه ومن ذلك حديث أنس رضي الله عنه: «فإن الرجل إذا قرأ البقرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015