صلى الله عليه وسلم أمته عند موته حيث جعل يقول: «الصلاة، الصلاة وما ملكت أيمانكم».

وأما أهميتها وثمرتها فى حياة الفرد والأمة، فإنها العمل الذى بإقامته على وجهه الصحيح يذكر بها ربه، فيطمئن قلبه، وتهدأ نفسه، وينشرح صدره، وتسعد بها حياته، ولولا هذه الصلة لضاق الصدر، وضاقت الحياة، ووضع فى الضنك، وصار الشيطان قرينه، مفسدا عليه حياته، وهى التى تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهى التى تجمع المسلم بإخوانه كل يوم خمس مرات فى بيت من بيوت الله، فتأتلف قلوبهم، ويعالجون أمور حياتهم، فهذه الفريضة بهذه المكانة العظيمة، وبهذا الأثر العظيم كان إيجابها بمخاطبة الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج من غير واسطة، قال أنس: «فرضت الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به خمسين، ثم نقصت حتى جعلت خمسا، ثم نودى يا محمد: إنه لا يبدل القول لدى، وإن لك بهذه الخمس خمسين». رواه أحمد والنسائى والترمذى وصححه (?).

هذه هى مرتبة ما أوحاه الله إليه وهو فوق السموات ليلة المعراج.

ومن مراتب الوحى وصوره مع الرسول الكريم والتى ذكرها ابن القيم رحمه الله:

كلام الله له كما كلم الله موسى بن عمران، وهذه المرتبة ثابتة لموسى عليه السّلام قطعا بنص القرآن الكريم، وبثبوتها لنبينا صلى الله عليه وسلم وهو فى حديث الإسراء، وقد ذكرنا بعضا من ذلك سابقا. ويقول ابن القيم: وقد زاد بعضهم مرتبة وهى تكليم الله له كفاحا من غير حجاب، وهذا على مذهب من يقول: إنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه تبارك وتعالى، وهى مسألة خلاف بين السلف والخلف، وإن كان جمهور الصحابة مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كما حكاه عثمان بن سعيد الدارمى إجماعا للصحابة (?).

وبعد تناولنا لهذه المراتب ينبغى أن نبرز ما يلى:

أولا: رؤي الأنبياء- كما مر بنا- ليست من قبيل أضغاث الأحلام، فإذا كانت الرؤيا إدراك يقوم بجزء من القلب لا يحله النوم فإن الأنبياء لا يستولى النوم على قلوبهم، ولا على جزء منها.

ثانيا: لم ينزل شىء من القرآن على النبى صلى الله عليه وسلم فى النوم بل نزل كله يقظة، وأما ما جاء فى صحيح الإمام مسلم عن أنس قال: مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا فى المسجد إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: «أنزل علىّ آنفا سورة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَعْطَيْناكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015