أصابعه، أخرجه أبو داود «1» فهذا الاضطراب والاختلاط الذى وقع الناس فيه عالجه الذكر الحكيم فى سورة «ق» على النحو التالى:

أولا: مكاشفة الناس بنعمة الله عليهم بنزول القرآن المجيد. وبواقعهم وموقفهم المتعجب من بعثة النبى صلّى الله عليه وسلم، ومن البعث.

ثانيا: إخبارهم بعلم الله سبحانه بما تأكل الأرض من أجسادهم فلا يضل عنه سبحانه شىء حتى تتعذر عليه الإعادة التى يتعجبون منها.

ثالثا: توجيه النظر إلى السماء وإلى الأرض وإلى ما بينهما.

أما النظر إلى السماء فيقفون فيه على ثلاثة أدلة: الأول: دليل القدرة فى قوله تعالى: وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (6) فالسماء على شدة خلقها زيّنت بالنجوم والكواكب التى يشاهدها هؤلاء وأمسكها الله إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا [فاطر: 41].

والأرض كذلك مدّت وألقيت فيها الرواسى، وأنبت الله فيها من مظاهر الجمال والزينة من كل زوج بهيج تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8).

وأما ما بينهما فإن الله أنزل من السماء ماء مباركا فأنبت به مظاهر الجمال والنظام فى الجنات، وفى حب الحصيد والنخل الباسقات ذات الطلع النضيد، وفى هذا رزق للعباد يحيون به ويحيى الله به بلدة ميتا، وفى ذلك من مظاهر البعث المتجدد بتجدد الرزق ما ينقذ هؤلاء من خلطهم واضطرابهم فى أمر البعث ففي كل يوم جديد مظاهر بعث لما يشاهدون فلماذا يتعجبون؟! رابعا: توجيه النظر إلى العبرة التاريخية فى أن المكذبين لم يتركوا وعوقبوا.

خامسا: الاستدلال العقلى بالقدرة على الخلق الأول فى عدم استبعاد الإعادة والبعث.

سادسا: تجمع الآيات الكريمة بين خلق الإنسان، وأنه تحت سلطان خالقه وعلمه بما توسوس به نفسه، وأنه أقرب إليه من حبل الوريد، وأن أعماله وأقواله مراقبة، وأنه ماض فى طريقه إلى ربه رغما عنه وأن غفلته لن تغنى عنه، وأنه سيقف على حقائق الأمور بعد الموت والنفخ فى الصور، ليرى كيف يكون مصير الكفار المعاندين وكيف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015