سورة البروج- إذن- من السور التى تربط على قلوب المؤمنين فى مواجهة ما يلاقون من تحديات وآلام نتيجة إيمانهم، ولذلك كان الرسول صلّى الله عليه وسلم يقرأ بها فى العشاء الآخرة ويأمر بقراءتها. روى الإمام أحمد بسنده عن أبى هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يقرأ فى العشاء الآخرة ب وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ ووَ السَّماءِ وَالطَّارِقِ، وعنه أيضا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر أن يقرأ بالسماوات فى العشاء، تفرد به أحمد «1». وعن جابر ابن سمرة: أن النبى صلّى الله عليه وسلم كان يقرأ فى الظهر والعصر، وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ، وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ أخرجه الطيالسى وابن أبى شيبة فى المصنف وأحمد والدارمى وأبو داود والترمذى وحسنه والنسائى وابن حبان والطبرانى والبيهقى فى سننه.

كان نزول سورة البروج ربطا على القلوب فى مواجهتها للإيذاء والتحديات، وما فيها من المعانى لا غنى للمؤمنين عنها فى مسيرتهم، وهى ضرورية أيضا لمن أراد أن يعتبر من الطغاة. إن السورة الكريمة افتتحت بالقسم، والقسم هنا بالسماء ذات النجوم وذات المنازل لهذه النجوم إنها السماء فى إحكام بنائها وخلقها وزينتها وإحاطتها بمن تحتها واليوم الموعود وهو يوم القيامة، وشاهد ومشهود وهو كما يقول الطبرى بعد إيراده لما قيل فى المعنى: إن الله أقسم بشاهد شهد ومشهود شهد ولم يخبرنا مع إقسامه بذلك أىّ شاهد وأى مشهود أراد، وكل الّذى ذكرنا أن العلماء قالوا: هو المعنىّ مما يستحق أن يقال له وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3).

والقسم بهذه له مناسبته بما تتضمنه السورة الكريمة من فعل الكافرين بالمؤمنين عيانا ونسوا عقاب الجبار جل جلاله ونسوا اليوم الذى يجمع فيه العباد للحساب، وإذا أمهل الظالمون فى هذه الحياة فإن اليوم الموعود آت إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (42) [إبراهيم]. ويأتى بعد هذا الإقسام ما حدث فى السابقين من لعن الله لأصحاب الأخدود الذين عذبوا المؤمنين وحرقوهم بالنار لا لذنب إلا لكونهم مؤمنين.

روى الإمام أحمد بسنده عن صهيب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «كان فيمن كان قبلكم ملك وكان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك: إنى قد كبر سنى وحضر أجلى فادفع إلى غلاما لأعلمه السحر فدفع إليه غلاما كان يعلمه السحر، وكان بين الساحر وبين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015