وأفاضوا من عَرَفَات وفرغوا من منى لم يحلقوا رؤوسهم إِلَّا عِنْد مَنَاة، وَكَانَ يهلون لَهَا وَمن أهل لَهَا لم يطف بَين الصَّفَا والمروة مَكَان الصنمين اللَّذين عَلَيْهِمَا، وهما نهيك مجاود الرّيح ومطعم الطير، وَكَانَ هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار يهلون بمناة، وَكَانُوا إِذا أهلوا بِحَجّ أَو عمْرَة لم يظل أحد مِنْهُم سقف بَيته حَتَّى يفرغ من حجه أَو عمرته، فَكَانَ الرجل إِذا أحرم لم يدْخل بَيته، وَإِن كَانَت لَهُ فِيهِ حَاجَة تسور من ظهر بَيته لِئَلَّا يحف رتاج الْبَاب رَأسه، فَلَمَّا جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ وَهدم أَمر الْجَاهِلِيَّة أنزل فِي ذَلِك: " وَلَيْسَ الْبر بِأَن تَأْتُوا الْبيُوت من ظُهُورهَا ". وَأما اللات والعزى فَكَانَ بَدْء أَمرهمَا فِيمَا روى ابْن عَبَّاس: أَن رجلا مِمَّن مضى كَانَ يقْعد على صَخْرَة لثقيف يَبِيع السّمن من الْحَاج إِذا مروا فتلت سويقهم وَكَانَ ذَا غنم فسميت الصَّخْرَة اللات فَمَاتَ، فَلَمَّا فَقده النَّاس قَالَ لَهُم عَمْرو: إِن ربكُم كَانَ اللات فَدخل فِي جَوف الصَّخْرَة، وَكَانَت الْعُزَّى ثَلَاث شجرات سمُرَات بنخلة، وَكَانَ أول من دعى إِلَى عبادتها عَمْرو بن ربيعَة والْحَارث بن كَعْب، وَقَالَ لَهُم عَمْرو: إِن ربكُم يصيف بِاللات لبرد الطَّائِف ويشتو بالعزى لحر تهَامَة، وَكَانَ فِي كل وَاحِدَة شَيْطَان يعبد ثمَّ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد الْفَتْح خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى الْعُزَّى يقطعهَا فقطعها ثمَّ جَاءَ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا رَأَيْت فِيهِنَّ؟ " فَقَالَ: لَا شَيْء قَالَ: " مَا قطعتهن فَارْجِع فاقطع " فَرجع فَقطع فَوجدَ تَحت أَصْلهَا امْرَأَة نَاشِرَة شعرهَا قَائِمَة عَلَيْهِم كَأَنَّهَا تنوح عَلَيْهِنَّ فَرجع فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت كَذَا وَكَذَا قَالَ: " صدقت ". ويروى أَن خَالِد بن الْوَلِيد خرج إِلَى الْعُزَّى يَهْدِمهَا فِي ثَلَاثِينَ فَارِسًا من أَصْحَابه حَتَّى انْتهى إِلَيْهَا فَهَدمهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أهدمت؟ " قَالَ: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ: " هَل رَأَيْت شَيْئا؟ " قَالَ: لَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015