وبين الحضارمة إلى أن تركت موطنها ونزحت إلى الشمال. وتعاقب على كندة رؤساء لقبهم المؤرخون المسلمون بألقاب ونسبوهم إلى جد أعلى يدعى ثور. واختلفوا في حقيقة عددهم وفي مدد حكمهم. وبعد أمد ما تحالفت كندة مع الحميرين لتكون لهم مثل اللخميين بالنسبة للفرس. في عهد الملك الحميري أب كرب أسعد الملقب بلقب تبع الأكبر، أو ولده حسان بن تبع. فولي أحدهما كبيرها حجرًا بن عمرو الملقب بآكل المرار على أرض معد فنزل ببطن عاقل بنجد. وأغار ببكر فانتزع ما كان بأيدي اللخميين من أرض بكر. وكان أب كرب أسعد قد بلغ في هذه النواحي وادي مأسل الجمح جنوب شرق الدوادمي. وسجل اسمه على صخرة فيه.

وانتشرت كندة في أرض نجد وما في شمالها وتصادمت مع الضجاعمة وحلفائهم الغساسنة على أطراف الشام، كما تصادمت مع المناذرة على أطراف العراق.

وولي بعد آكل المرار ولده عمرو بن حجر الذي لقب المقصور ربما لهبوط همته ولأن الظروف قصرت حكمه على جزء من ملك أبيه دون ملكه كله.

فاكتفى بمناطق ربيعة ومعد في نجد وتخلى عن اليمامة لأخيه، وعوض هذا القصور بصداقاته وولائه لجيرانه الحميريين واللخميين، ومحاولته الإغارة على أملاك الغساسنة.

وخلفه ولده الحارث بن عمرو الكندي في نهاية القرن الخامس الميلادي كما يعتقد أولندر، وكان أشد صلابة منه. وامتد حكمه على قبائل بكر بن وائل التي رغبت في الاحتماء بسلطانه حين نزحت هي وقبائل تغلب من أرض اليمامة نحو الشمال بعد أن مزقتها حرب البسوس، تريدان النزول في البحرين والعراق.

وسنحت الفرص لعلو شأن الحارث الكندي نتيجة لأمرين، وهما انتقال صيته إلى فارس بعد أن أغار اتباعه البدو على حدود العراق وحوافه الزراعية وفشلت جيوش الحيرة في إخضاعهم. ثم رغبة الملك الفارسي قباذ في إيجاد منافس قوي أمام المنذر الثالث ملك الحيرة حتى لا تزيد أطماعه بعد انتصاراته الأولية على الغساسنة. وبعد أن وصل إليه رسل قيصر الروم يفاوضونه في فك أسراهم أو يغرونه بالانضمام إلى صفوفهم أو مهادنة أنصارهم، كما سلف القول من قبل، وربما كتغيير يناسب الحركة المزدكية في فارس.

وذكر المؤرخون المسلمون أن قباذًا ملك الفرس أقر الحارث الكندى على ما استولى رجاله عليه من أطراف العراق، وأضافوا أنه استقبله بنفسه عند قنطرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015