عنهم تاريخيًا في أنهم تألفوا من قبائل وعشائر متعددة وأنهم لم يكونوا دولة مستقرة واضحة المعالم، وأنهم حين انتشروا في شمال الحجاز وسيطروا على بعض أجزائه في وادى القرى بخاصة كانت مدينة الحجر من أهم الحواضر التي عاشوا فيها، وهي مدينة ظنها بعض المؤرخين القدامى مدائن صالح الحالية نظرًا لكثرة آثارها المنحوتة في الجبال، ووضوح التدمير الذي لحق بها، وارتباط اسمها باسم النبي صالح. ولكن كثرة من الباحثين المحدثين حددوها ببلدة الخريبة التي تبعد عن مدائن صالح بنحو عشرة أميال وقد أصاب آثارها هي الأخرى خراب كبير. وبنوا رأيهم على غلبة النصوص الثمودية التي عثر عليها فيها، بينما رجحوا اعتبار مدائن صالح من مناطق الأنباط على أساس غلبة الآثار والنصوص النبطية فيها وإن تضمنت إلى جانبها نصوصًا ثمودية قليلة.

وساعد الثموديين على الاستمرار الحضاري أنهم اتصلوا في شمال الحجاز بطوائف متحضرة قديمة فانتفعوا بحضارتها ومنها طوائف ددان ولحيان التي أحاطت ببلدة الخريبة، وعندما امتدوا إلى الشمال أكثر انتفعوا ببعض حضارات جنوب فلسطين كما جاوروا امتداد الحضارة المصرية في شبه جزيرة سيناء. وعندما امتد نشاطهم إلى الجنوب اتصلوا ببعض الجماعات المتحضرة في انحاء اليمن.

وكان من أهم ما استفادوا به حضاريًا من هذه الاتصالات المتعددة، هو الكتابة بخط متميز اشتقوه أساسًا من الخط المسند الجنوبي الذي يحتمل أنهم تعلموه عن أهل منطقة ددان ولحيان إن لم يكن عن كتبة الجنوب العربي الذين اتصلوا بهم اتصالًا مباشرًا في شئون التجارة، ثم طعموا هذا الخط ببعض خصائص الخط السينيائي المصري في سيناء.

وأصبحت نصوص الثموديين هي الشاهد الحي على مدى انتشارهم، وهي نصوص قصيرة سريعة، ولكنها كثيرة تدل على كثرة من كانوا يعرفون الكتابة بينهم لأغراض التجارة. وقد وجدت نماذجها خارج وادي القرى في تبوك والطائف وفي قلب نجد وشمالها وفي شبه جزيرة سيناء، وفي مناطق متفرقة من شرق الأردن، وفي شرقي دمشق، وفي أطراف اليمن أيضًا، وكل ذلك مما يدل على سعة انتشار قوافلهم وكثرة اتصالاتهم التجارية ولاسيما في العهود المتأخرة في الزمن نسبيًا فيما قبل الميلاد بقليل وفيما بعده بقليل أيضًا.

وشاعت بين الثموديين أسماء عربية خالصة مثل: سعد وقيس ومالك ووائل وزيد وأوس وعاصم وعمر وعقرب وواسط وكعب وحارثة، وسعدة ومسكة وسهرة وهانئة ... إلخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015