الفصل الثاني عشر: الجماعات العربية القديمة ذات الصلة برسالات الأنبياء

أولًا: مدين

أبقى على ذكر مدين ما ذكره القرآن الكريم وذكرته التوراة عن ارتباطها بالنبيين موسى وشعيب عليهما السلام. فقد لجأ موسى عليه السلام إلى أرضها هربًا من مصر بعد أن قتل فيها أحد خصومه. وصاهر في مدين رجلًا صالحًا ذكرته التوراة باسم رعوئيل وأطلقت عليه لقب يثرون بمعنى الكاهن. كما ذكرت ابنته التي تزوجها موسى باسم صفورة.

وتدل معاصرة مدين لعهد موسى عليه السلام على قدم وجودها وإمكان نسبتها إلى ما قبل القرن الثالث عشر ق. م على أقل تقدير. وكان قومها يتألفون من قبائل متعددة انتشرت في إقليم حسمى وما يمتد منه إلى الشرق والجنوب الشرقي من خليج العقبة. وربما وصلت إبان ازدهارها حتى حدود واحة العلا الحالية في شمال الحجاز.

أما النبي شعيب عليه السلام الذي ذكر القرآن الكريم قيامه بدعوة أهل مدين إلى عبادة الله وحده، فمن المحتمل توقيت عهده بأوائل فترات ازدهار تاريخها القديم.

وإذا كانت قصة النبي موسى قد دلت على اعتماد بعض قبائل مدين على حرفة الرعي، فإن دعوة النبي شعيب لهم بالتزام الأمانة في الكيل والميزان تعني أن بعض قبائلهم الأخرى اعتمدت على معاملات التجارة في حياتها الاقتصادية. وكان موقع أرضهم يسمح لهم فعلًا بالانتفاع بثلاثة طرق تجارية رئيسية: طريق يتجه نحو شبه جزيرة سيناء وجنوب فلسطين. وطريق يتجه ناحية الجنوب بشعبتين في اتجاه يثرب ومكة. وطريق ثالث شرقًا نحو تبوك وتيماء.

وإلى جانب الرعي والتجارة كان في اتساع المنطقة التي انتشرت فيها قبائل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015