والعشرين، هي إصلاح العلوم أو إحياؤها بالتعويل على الطريقة الاستقرائية دون الطريقة القياسية. والغريب في أمره أنه كان يتصور العلوم على ما رأى بالجامعة, وظل طوال حياته قليل الإلمام بمكتشفات القرن الرابع عشر وعصر النهضة، جاهلا بالرياضيات وبما اتخذت من شأن في تكوين العلم الطبيعي، بل إنه رمى كوبرنك بالدجل، ولم يدرك أهمية قوانين كبلر وبحوث جليليو. فهو لم يشتغل بالعلم؛ وإن كان أجرى بعض التجارب فهي لا تذكر، وقد وثق بأمور وجاء بتعليلات غاية في الغرابة، فاعتقد بالسحر الطبيعي، وبالكيمياء القديمة، وبالتنجيم, فلم يكن أكثر تقدما من سميه روجر بيكون في القرن الثالث عشر، وإنما كانت أفكاره في جملتها أفكار العصر الوسيط المنقولة عن الرواقية والأفلاطونية الجديدة؛ لذا نراه يرمي علم عصره بالجمود والغرور، ويتنبأ له بالاضمحلال، ويعتبر نفسه داعية لعلم جديد يزيد في سلطان الإنسان على الطبيعة. والحق أنه نفذ إلى ماهية العلم الاستقرائي، وفطن إلى أغراضه ووسائله، ثم حاول أن يرسم بناءه، فوضع تصنيفًا للعلوم، وفصل القول في الطرق التجريبية حتى لم يدع مزيدًا لمستزيد.

ج- صنع ذلك أولًا في رسالة بالإنجليزية نشرها سنة 1605 بعنوان "في تقدم العلم" ثم وضع باللاتينية كتابًا أسماه "الأورغانون الجديد أو العلامات الصادقة لتأويل الطبيعة" نشره سنة 1620؛ ثم عاد إلى الرسالة الأولى فنقلها إلى اللاتينية وفصلها بعنوان "في كرامة العلوم ونموها" ونشر الكتاب سنة 1623، وهو موسوعة علمية تحتوي على طائفة كبيرة من الملاحظات القيمة. ووضع كتابًا في السياسة دعاه "أتلنتس الجديدة" وجعله على نسق "يوتوبيا" و"مدينة الشمس" " 20 ب". وله كتب أخرى في هذه الأغراض فقدت كل أهمية بتقدم العلوم؛ وكتب أدبية وتاريخية وقانونية، ومن هذه الأخيرة كتاب "أحكام القانون" Maxims of the law وضعه سنة 1599 تمهيدًا لتنظيم القوانين الإنجليزية.

24 - تصنيف العلوم:

أ- الغرض منه ترتيب العلوم القائمة، وبالأخص الدلالة على العلوم التي لم توجد بعد. وهو يرتبها بحسب قوانا الداركة، ويحصر هذه القوى في ثلاث: الذاكرة وموضوعها التاريخ، والمخيلة وموضوعها الشعر، والعقل وموضوعه الفلسفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015