61 - السياسة:

أ- يعتبر لوك أحد مؤسسي المذهب الحري الجديد, فهو يعارض هوبس في تصويره الإنسان قوة غاشمة، وتصوره حال الطبيعة حال توحش يسود فيها قانون الأقوى، ويذهب إلى أن للإنسان حقوقًا مطلقة لا يخلقها المجتمع، وأن حال الطبيعة تقوم في الحرية، أي: إن العلاقة الطبيعية بين الناس علاقة كائن حر بكائن حر تؤدي إلى المساواة. العلاقات الطبيعية باقية بغض النظر عن العرف الاجتماعي، وهي تقيم بين الناس مجتمعًا طبيعيًّا سابقًا على المجتمع المدني، وقانونًا طبيعيًّا سابقًا على القانون المدني. وعلى ذلك ليس للناس بالطبع حق في كل شيء كما يزعم هوبس، ولكن حقهم ينحصر في تنمية حريتهم والدفاع عنها وعن كل ما يلزم منها من حقوق، مثل حق الملكية وحق الحرية الشخصية وحق الدفاع عنهما.

ب- أما حق الملكية فإنه حق طبيعي يقوم على العمل ومقدار العمل, لا على الحيازة أو القانون الوضعي، وليس لأحد حق فيما يكسبه المرء بتعبه ومهارته, ولا تصير الحيازة حقا إلا إذا استلزمت العمل. على أن حق الملكية خاضع لشرطين؛ الأول أن الملك لا يدع ملكيته تتلف أو تهلك؛ والثاني أن يدع للآخرين ما يكفيهم فإن هذا حق لهم. فحرية العمل هي المبدأ الذي يسوغ الملكية والمبدأ الذي يحدها، إذ يجب أن تبقى حرية العمل مكفولة دائمًا للجميع.

ج- وأما الحرية الشخصية فمعناها أن ليس هناك سيادة طبيعية لأحد على آخر. إن سلطة الأب أعطيت له لكي يربي الابن ويجعل منه إنسانا أي كائنًا حرًّا، فهي واجب طبيعي أكثر منها سلطة، وهي مؤقتة ولا تشبه في شيء سلطة السيد على العبد، وتفقد بسوء الاستعمال والتقصير. والسلطة السياسية تراض مشترك وعقد إرادي؛ وذلك لأن أعضاء المجتمع متساوون عقلا وحرية, بخلاف الحال في علاقة الآباء والأبناء. فأساس الاجتماع الحرية، والغرض من العقد الاجتماعي صيانة الحقوق الطبيعية، لا محوها لمصلحة الحاكم كما يزعم هوبس؛ فلا يستطيع الأعضاء أن ينزلوا إلا عما يتنافر من حقوقهم مع حال الاجتماع، وذلك هو حق الاقتصاص. فالسلطة المدنية قضائية في جوهرها؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015