سنه سبع وثلاثين

ذكر ما كان فيها من الاحداث وموادعه الحرب بين على ومعاويه

الجزء الخامس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ثم

وثلاثين

ذكر مَا كَانَ فِيهَا من الأحداث وموادعة الحرب بين علي ومعاوية

فكان فِي أول شهر منها- وَهُوَ المحرم- موادعة الحرب بين علي ومعاوية، قَدْ توادعا عَلَى ترك الحرب فِيهِ إِلَى انقضائه طمعا فِي الصلح، فذكر هشام ابن مُحَمَّدٍ، عن أبي مخنف الأَزْدِيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سعد أَبُو المجاهد الطَّائِيّ، عن المحل بن خليفة الطَّائِيّ، قَالَ: لما توادع علي ومعاوية يوم صفين، اختلف فِيمَا بينهما الرسل رجاء الصلح، فبعث علي عدي بن حاتم ويزيد ابن قيس الأرحبي وشبث بن ربعي وزياد بن خصفة إِلَى مُعَاوِيَةَ، فلما دخلوا حمد اللَّه عدي بن حاتم، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فإنا أتيناك ندعوك إِلَى أمر يجمع اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهِ كلمتنا وأمتنا، ويحقن بِهِ الدماء، ويومن بِهِ السبل، ويصلح بِهِ ذات البين إن ابن عمك سيد الْمُسْلِمِينَ أفضلها سابقة، وأحسنها فِي الإِسْلام أثرا، وَقَدِ استجمع لَهُ الناس، وَقَدْ أرشدهم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِالَّذِي رأوا، فلم يبق أحد غيرك وغير من معك، فانته يَا مُعَاوِيَة لا يصبك اللَّه وأَصْحَابك بيوم مثل يوم الجمل فَقَالَ مُعَاوِيَة: كأنك إنما جئت متهددا، لم تأت مصلحا! هيهات يَا عدي، كلا وَاللَّهِ إني لابن حرب، مَا يقعقع لي بالشنان، أما وَاللَّهِ إنك لمن المجلبين عَلَى ابن عفان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وإنك لمن قتلته، وإني لأرجو أن تكون ممن يقتل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهِ هيهات يا عدى ابن حاتم! قَدْ حلبت بالساعد الأشد فَقَالَ لَهُ شبث بن ربعي وزياد بن خصفة- وتنازعا جوابا واحدا: أتيناك فِيمَا يصلحنا وإياك، فأقبلت تضرب لنا الأمثال! دع مَا لا ينتفع بِهِ من القول والفعل، وأجبنا فِيمَا يعمنا وإياك نفعه وتكلم يَزِيد بن قيس، فَقَالَ: إنا لم نأتك إلا لنبلغك مَا بعثنا بِهِ إليك، ولنؤدي عنك مَا سمعنا مِنْكَ، ونحن على ذلك لم ندع أن ننصح لك، وأن نذكر مَا ظننا أن لنا عَلَيْك بِهِ حجة، وإنك راجع بِهِ إِلَى الألفة والجماعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015