-سنة إحدى وثمانين وأربعمائة

فيها استولت الفرنج على مدينة زَوِيلَة من بلاد إفريقيّة، جاؤوا في البحر في أربعمائة قطعة فنهبوا وسَبوا، ثمّ صالحهم تميم بْنُ بَادِيس، وبذَل لهم من خزانته ثلاثين ألف دينار فردّوا جميع ما حووه.

وفيها مات النّاصر بن عَلنّاس بن حمّاد، ووليّ بعده ابنه المنصور، فجاءته كُتُب تميم بن المعزّ، وكُتُب يوسف بن تاشفين صاحب مَرّاكُش بالعزاء والهناء.

وفيها مات ملك غَزْنَة الملك المؤيّد إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سُبُكْتِكِين وكان كريمًا، عادلًا، مجاهدًا، عاقلًا، له رأي ودهاء، ومن مخادعته أنّ السّلطان ملكشاه سار بجيوشه يقصده، ونزل بإسْفِزَار، فكتب إبراهيم كُتُبًا إلى جماعةٍ من أعيان أمراء ملكشاه يشكرهم، ويعتذر لهم بما فعلوه من تحسينهم لملكشاه أن يقصده: ليتمّ لنا ما استقرّ بيننا من الظَّفَر به، وتخليصكم من يده، ويَعِدُهم بكلّ جميل. وأمر القاصد بالكُتُب أن يتعرَّض لملكشاه في تصيُّده، فأُخِذَ وأُحضر عند ملكشاه فقرّره، فأنكر، فأمر بضربه، فأقرّ واخرج الكُتُب، فلمّا فتحها وقرأها تخيّل ملكشاه من أمرائه، وكتم ذلك عنهم خوفَ الوحشة، ورجع من وجهه.

وكان إبراهيم يكتب في العام خَتْمَةً، ويهديها ويتصدَّق بثمنها. وكان يقول: لو كنتُ بعد وفاة جدّي محمود لما ضَعُفَ ملكُنا، ولكنّي الآن عاجز أن أستردّ ما أُخذ منّا من البلاد لكثرة جيوشهم. -[470]-

وقام في المُلْك بعده ولده جلال الدّين مسعود، الّذي كان أبوه زوّجه بابنة السّلطان ملكشاه، وناب نظام المُلْك في عُرْسِه عليها مائة ألف دينار.

وفيها جمع أقْسُنْقُر متولّي حلب العساكر، ونازل شيزر، ثمّ صالحه صاحبها ابن منقذ.

وفيها مات الملك أحمد ابن السّلطان ملكشاه، وله إحدى عشرة سنة، وكان قد جعله وليّ عهده عام أوّل، ونثَر الذَّهَب على الخُطَباء في البلاد عند ذِكْره. فلمّا مات عُمل عزاؤه ببغداد سبعة أيّام بدار الخلافة، ولم يركب أحدٌ فرساً وناح النّساء في الأسواق عليه، وكان منظراً فظيعاً.

وفيها توجه ملكشاه إلى سمرقند ليملكها، فوصل إليها في السنة المقبلة كما سيأتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015