ولم يكن ماركس، عندما كتب (تاريخ كومون باريس) رجل أدب، بل عالم حياة بالنسبة إلى الثورة التي فشلت بباريس عام 1871.

إن نجاح ثورة ما أو فشلها، هو بقدر ما تحتفظ بمحتواها أو تضيعه في الطريق وهذا كله يخضع لقانون.

فالثورة لا ترتجل، إنها اطراد طويل، يحتوي ما قبل الثورة، والثورة نفسها، وما بعدها. والمراحل الثلاث هذه لا تجتمع فيه بمجرد إضافة زمنية، بل تمثل فيه نموا عضويا وتطورا تاريخيا مستمرا، وإذا حدث أي خلل في هذا النمو وفي هذا التطور، فقد تكون النتيجة زهيدة تخيب الآمال.

إن الثورة الفرنسية تضمنت عهد ما قبل الثورة، في صورة مقدمات وجدتها في أفكار (جان جاك روسو) والعلماء الموسوعيين. فكان لهذه الحركة ما يدعمها حتى تحقق لها النجاح يوم 14 تموز (يوليو) عام 1789. لكن عبورها إلى مرحلة ما بعد الثورة كان فيه خلل، جعل أشباه الثوريين مثل (دانتون وميرابو) يسيطرون عليها، ويحاولون بناء مجدهم على حسابها، حتى في التعامل مع العدو، ليمنحهم انتصارات وهمية يعززون بها موقعهم مثل واقعة (قلمى).

ولقد انتهى بها المطاف بين أيدي نابليون الذي صنع منها- والتاريخ يعترف له بالفضل- قضية شخصية تحت لواء الإمبراطورية.

ولكننا مع ماركس ولينين، اكتسبنا في هذا الميدان، معلومات دقيقة، وتقنية ثورية تلم بجوانب الثورة، من مرحلتها التحضيرية إلى مرحلة الإنجاز، ومنها إلى مرحلة الحفاظ على الخط الثوري.

والواقع أن هذه ليست تقنية جديدة في التاريخ، فلو رجعنا إلى الوراء لوجدنا لها أثرا ليس في صيغة حرفية، ولكن في مواقف ثورية محددة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015