كتاب أبي حازم إلى الزهري

عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن ورحمك من النار فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك منها ... إعلم أن أدنى ما ارتكبت وأعظم ما احتقبت أن أنست الظالم وسهلت له طريق الغي بدنوك حين أُدنيت وإجابتك حين دُعيت فما أخلقك أن تبوء بإسمك غداً مع الجرمه، وأن تُسأل عما أردت بإغضائك عن ظلم الظلمة، إنك أخذت ماليس لمن أعطاك، ودنوت ممن لا يرد على أحد حقا ولا ترك باطلاً حين أدناك، وأجبت من أراد التدليس بدعائه إياك حين دعاك، جعلوك قطباً تدور رحى باطلهم عليك، وجسراً يعبرون بك إلى بلائهم، وسُلّماً إلى ضلالهم، وداعياً إلى غيّهم، سالكاً سبيلهم، يُدخلون بك الشك على العلماء، ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم، فما أيسر ما عمروا لك في جنب ماخربوا عليك، وما أقل ما أعطوك في كثير ما أخذوا منك.

أغفلت ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب، فانظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت به أو دخلوا في مثل ما دخلت فيه؟ وهل تراه ادّخر لك خيراً منعوه، أو علمك شيئاً جهلوه، بل جهلت ما ابتليت به من حالك في صدور العامة وكَلَفَهم بك أن صاروا يقتدون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015