قال له مسعر: أجل، قد مضى إلى لعنة الله وسقره.

وقال حبيب بن أوس:

يا من تبرمت الدّنيا بطلعته ... كما تبرمت الأجفان بالسهد

يمشى على الأرض مختالاً فأحسبه ... لبعض طلعته يمشى على كبدى

وقال آخر:

لخرط قتادة ولحمل فيل ... وماء البحر يغرف في زبيل

وفك الماضغين وقلع ضرسٍ ... لأهون من مجالسة الثقيل

ولأبي الحسن على بن العبّاس الرّومى:

ولى أصدقاءٌ كثيرو السّلام ... علىّ وما فيهم نافع

إذا أنا أدلجت في حاجة ... لها مطلبٌ نازخٌ شاسعٌ

فلى أبداً معهمٌ وقفةٌ ... وتسليمةٌ وقتها ضائعٌ

وفي موقف المرء عن حاجة ... يتممها شاغلٌ قاطع

ترى كلّ غثٍّ كثير الفضول ... ومصحفه مصحفٌ جامع

يقول الضمير إذا ما بدا: ... ألا قبّح الرجل الطالع

يحدثنى من أحاديثه ... بمالا يلد به السامع

أحاديث هن ّمثال الضريع ... فآكله أداً جائع

غدوت وفي الوقت لى فسحةٌ ... فضاق بي المنهل الواسع

تقدمت فاعتاقنى أسرة ... إلى أن تقدمنى التابع

وقالت بلقيانه حاجتي: ... ألاهكذا النكد البارع

أولئك لاحيهّم مؤنسٌ ... صديقاً ولا ميتهم فاجع

دق طفيليٌّ دار قوم فيها طعامٌ،فقيل:من هذا؟ فقال:أنا الذي كفاكم مؤونة الرّسول.

لطفيليّ:

نحن قومٌ إذا دعينا أحببنا ... ومتى ننس يدعنا التطفيل

فنقل:علّنا دعينا فغبنا ... أو أتانافلم يجدنا الرّسول

دخل طفيليٌّ دار قوم بغير إذن،فاشتد عليه صاحب الدار في القول،فأغلظ له الطفيلي في الجواب،وقال:والله لئن قمت لأدخلنّك من حيث خرجت.

فقال له صاحب المنزل:أما أنا فأخرجك من حيث دخلت. وأخذ بيده فأخرجه.

قيل لبعض الطفيليين:كم اثنين في اثنين؟ قالكأربعة أرغفة.

قال مطرّف بن مازن،قاضي اليمن: قال لي الرشيد يوماً: من عبد الرزاق ابن همام الصنعاني؟ فقلت: رجل من أهل الحديث، سليم الحديث ثقة. فقال: إن صاحب خبرنا في اليمن كتب يذكر أنه كتب ثقلاء اليمن. فقلت: صدق يا أمير المؤمنين فكتبني فيهم. قال: ولم كتبك فيهم؟ إنك لحسن الحديث خفيف المجلس، فما أستثقل منك؟ قلت: عظم قلنسوتي، وطول عنقي بغلتي. فضحك هرون، فما خرجت من عنده حتى أمر لي بكسوة وحملان.

ولطفيلي:

كل يومٍ أدور في عرصة الحي ... أشم القتار شم الذباب

فإذا ما رأيت نار عروسٍ ... أو ختاناً أو دعوةً لصحاب

لم أعرج دون التقحم لا أره ... ب شتماً ووكزة البواب

مستخفا بمن دخلت عليهم ... غير مستأذنٍ ولا هياب

فتراني ألف بالرغم منهم ... كلَّ ما قدموا كلفِّ العقاب

ذاك أهنا من الغر ... م وغيظ البقال والقصاب

كان يقال: ثمانية إن أهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم: الذاهب إلى مائدة لم يدع إليها، والمتآمر على ربّ البيت ... وقد ذكرنا الحكاية بتمامها في جامع النوادرمن هذا الكتاب.

باب الشماتة

قال الله عز وجل حاكيا عن موسى عليه السلام: " فلا تشمت بي الأعداء،ولا تجعلني مع القوم الظالمين ".

وقيل لأيوب عليه السلام: أي شيء من بلائك كان أشد عليك؟ شماتة الأعداء.

قال ابن الكلبي: لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، شمتت به نساء كندة وحضرموت، وخضبن أيديهن، وأظهرن السرور لموته، وضربن بالدفوف، فقال شاعر منهم:

أبلغ أبا بكر إذا ما جئته ... أن البغايا رمن شرَّ مرام

أظهرن من موت النبي شماتة ... وخضبن أيديهن بالعنام

فاقطع هديت أكفهن بصارمٍ ... كالبرق أو مض في متون غمام

قال النبي عليه السلام: " لا تظهر الشماتة لأخيك، فيعافيه الله ويبتليك " من منتقى الدعاء: اللهم اجعل رزقي رغدا، ولا تشمت بي أحداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015