الفصل السادس: قضايا التحديث والتنمية في علم الاجتماع مع طرح مدخل إسلامي مقترح

مقدمة

برزت قضية التنمية لدى مجتمعات العالم الثالث بشكل واضح بعد الحرب العالمية الثانية وبعد أن تحررت الكثير من الدول من الاستعمال تحررا سياسيا وعسكريا. وقد وجدت أن هذا التحرر لن يخرجها من دائرة الاستعمار والتبعية الفعلية إلا إذا تحررت اقتصاديا وأصبح اقتصادها قادرا على الاستقلال وعلى تهيئة مستويات معيشية مرضية لأبنائها، خاصة وأن هذه الفترة هي فترة نمو الاحتكاك الثقافي بين الدول النامية والمتقدمة صناعيا واقتصاديا وهي الفترة التي نمت فيه وسائل الاتصال بشكل مكثف وهي الفترة التي نمت فيها ما أطلق عليه ثورة التطلعات المتزايدة لدى شعوب الدول النامية التي تستهدف التخلص من الحرمان التاريخي الطويل1. والواقع أن هذه الشعوب عانت من الفقر والاستبعاد، ومن فقدان الأمل في عيشة إنسانية كريمة، ولم تعد قادرة على تحمل هذه الأوضاع أكثر من ذلك بعد المتغيرات التي ذكرت جانبا منها. وصار لديها تطلع على حد تعبير "روبرت لوير" R.lauer إلى الخبز والحرية صلى الله عليه وسلم Passion For رضي الله عنهread and Freedom فقد زاد وعيهم -وخاصة وعي الصفوات الوطنية الحاكمة- إلى الهوة السحيقة التي تفصل بين مستويات المعيشة في الدول الفقيرة، ومثيلاتها من الدول الغنية المتخمة بالخيرات والتي يعيش أبناء المجتمعات النامية على فتات موائدها. وبرز التناقض أكثر إذا علمنا أن تلك المستويات المعيشية المتقدمة حققتها الدولة المتقدمة على حساب نهب موارد الدول المتخلفة وعلى حساب أسواقها وعلى حساب الأيدي العاملة فيها وعلى حساب استذلال أهلها. ولعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015