(ناداهم صارخ من بعد مَا دفنُوا ... ايْنَ الأسرة والتيجان وَالْحلَل)

أَيْن الْوُجُوه الَّتِي كَانَت محجبة ... من دونهَا تضرب الأستار والكلل)

(فافصح الْقَبْر عَنْهُم حِين سَاءَ لَهُم ... تِلْكَ الْوُجُوه عَلَيْهَا الدُّود يقتتل)

(قد طَال مَا أكلُوا دهرا وَمَا نعموا ... فَأَصْبحُوا بعد طول الْأكل قد أكلُوا)

فيا معشر الشَّبَاب تأهبوا للغدو إِلَى التُّرَاب فَإِن الشَّيْخ يَكْفِيهِ مُصِيبَة الشيب فَإِنَّهُ يمهد للقبر

وأنشدوا

(مَا للشيوخ وللغد ... وَإِلَى الملاهي والبكور)

(وهم غَدا أَو قبله ... أَو بعده حَشْو الْقُبُور)

321 - نِدَاء الْقَبْر لساكنيه

عباد الله مَا من أحد لَا مُؤمن وَلَا فَاجر إِلَّا وقبره يُنَادِيه بكرَة وَعَشِيَّة إِمَّا بالبشرى وَالسُّرُور وَإِمَّا بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور فَمن فكر فِيهِ وَفِي وحشته وضيقه وغمته كَانَ عَلَيْهِ أوسع من الدُّنْيَا وَأَفْرج مِنْهَا وأبدله الله خيرا من دَاره وَأهلا خيرا من أَهله وَجعل الْقَبْر خيرا من دَاره فَأَكْثرُوا ذكره فِي الآناء والأوقات وَأَطيعُوا جَبَّار الْأَرْضين وَالسَّمَوَات عساه يَجعله لكم رَوْضَة من رياض الجنات ويقيكم فِيهِ الذل والحسرات

وأنشدوا

(قف بالمقابر وَاذْكُر وَإِن وقفت بهَا ... لله دَرك مَاذَا تستر الْحفر)

(ففيهم لَك يَا مغرور موعظة ... وَفِيهِمْ لَك يَا مغرور مُعْتَبر)

(كَانُوا ملوكا تواريهم قصورهم ... دهرا فوارتهم من بعْدهَا الْحفر)

(الدُّود يَأْكُل أَقْوَامًا منعمة ... نعم وَمن دونهَا الألواح والمدر)

(أعن رِضَاهُ ذَاك عَنْهُم أم على سخط ... هَيْهَات ضلت وحارت فيهم الْفِكر)

322 - بكر بن حَمَّاد

يحْكى عَن بكر بن حَمَّاد رَحمَه الله أَنه خرج يَوْمًا إِلَى الْقُبُور وَجعل ينظر إِلَى امتداد الْقُبُور ويفكر فِي الأحباب والإخوان وَالْأَصْحَاب وَالْجِيرَان

ثمَّ بَكَى حَتَّى طَال بكاؤه وبلت دُمُوعه لحيته ثمَّ جعل يَقُول

(زرنا منَازِل قوم لَا يزورونا ... إِنَّا لفي غَفلَة عَمَّا يقاسونا)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015