سألقاك أين الزمان الثقيل ... إذا ما التقينا وأين العذاب

سينهار عن مقلتيك الجدار ... وتفنى ذراعا أبي كالضباب ثم يهتف:

لينهد هذا الجدار الرهيب ... وتندك حتى ذراعا ابي

أحاطت بي الأعين الجائعات ... مرايا من النار في غيهب

إذا استطلعت مهربا مقلتاي ... تصدى خيالان في مهربي

فأبصرت ظلين لي في الجدار ... أو استوقفتني ذراعا ابي فهذه القصيدة معلم هام في حياة بدر النفسية، إذ فيه تستعلن الثورة على الأب دون مواربة أو رمز، وهي مقدمة لحفار القبور حيث الثورة على الأب تتسم بلباقة الرمز والكناية؛ وترمز سلطة الأب إلى الحواجز الكثيرة التي تحول دون لقاء المنتظرة وهي أيضاً كبش الضحية لتفسير ذلك الإخفاق المتوالي في الحب؛ فذراعا الأب قائمتان كالمقص تجذان كل علاقة، وكلما ظن الشاعر أن هذه هي المنتظرة تحركت ذراعا الأب فقطعتا حبل الرجاء الممتد نحوها، وتلك إشارة إلى أن الشاعر ورث كل ما يقصي المحبوبات عنه من ابيه، وفي طي ذلك معنى لا شعوري، وهو أن الأب القاسي هو الذي دفع بهذا الطفل إلى أحضان الأم دفعا حرمه القدرة على الانسجام مع أية امرأة أخرى. وربما تتضح المسألة تحت أنوار كاشفة أخرى إذا قلنا ان الأب كان ينتمي إلى حزب الشعب (وقد كان في البداية؟ وعندما نظمت هذه القصيدة - من ألد أعداء الحزب الشيوعي) وكان الشيوعيين يسمون قادته انتهازيين وجواسيس وعملاء (?) ، وهذا يفسر الإشارة الغامضة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015