ثم تحول عن التفكير في النقلة إلى بيروت، فقد أزعجه شعوره بحاجته إلى الاغتراب في سبيل الرزق: " صرفت النظر عن المجيء إلى بيروت فقد وجدت عملا راتبي منه يكفيني وان كان أقل من راتبي السابق: أن يترك الإنسان عملا ويمضي إلى بلد آخر ليبحث عن عمل فذلك ما تمنعني أبوتي ومسئوليتي تجاه طفلي من القيام به " (?) .

وما كاد جنبه يطمئن إلى الحياة التي توفر كسبا حتى فوجئ بفصله من عمله، ولكنه لم يكن خائر النفس في هذه المرة لركونه إلى أن اللجنة ستقرر إعادته إلى وظيفته (?) ، وكان يقضي جانبا من وقته في تلك الأيام بصحبة صديقه الأديب الناقد جبرا إبراهيم جبرا كما يخرج مع صديقه الأستاذ محمود العبطة يجوبان الشوارع أو يجلسان في بعض المقاهي. وفي شهر تشرين الثاني (1960) أصدرت له دار مجلة شعر ديوانه " أنشودة المطر "، وهو يدل على أن حصاد ذلك العام من القصائد كان غزيرا، إذا قسناه بالإعدام الثلاثة السابقة، فقد بلغ مجموع قصائده لعام 1960 ثماني قصائد (أو سبعا إذا عددنا قصيدته إلى جميلة من نتاج العام السابق) .

ونراه عند نهاية العام (1960) ما يزال يتحدث عن ارتياحه ولكن الإقامة في بغداد لم تعد تجتذبه، ولهذا سعى ليجد لنفسه عملا في البصرة: " سوف انقل مقر عملي إلى مدينة البصرة، فقد هزمني الشوق إلى جيكور وبويب وسواهما من ملاعب الطفولة " (?) . وفي الشهر نفسه كان منهمكا في ترجمة كتاب عن الإنكليزية لمؤسسة فرنكلين (فرع بغداد) ولم يكن قد انتهى منه بعد؛ كما انه عاد إلى موضوعه المحبب القديم وهو قصائد اديث سيتول في القنبلة الذرية، فكتب مقالا يقارن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015