" تعتيم " وتوسيع لحدودها، بحيث تخرج القصيدة من حدود الكتابة عن رغبة رجل وامرأة قادرين على تحقيق ما يريدان إلى التعبير عن الجوع المستبد بعالم المرأة لآن الخنزير البري قد طعن تموز طعنة قاتلة، وإذا رجعنا إلى الأسطورة القديمة عرفنا منها أن الطعنة قد أصابته في رمز الفحولة، ولذلك كان هذا البرد الغريب في شهر آب، وسيطر ذلك الجوع واصبح الليل " نهارا مسدودا ". فالقصيدة صورة لانبتار العلاقات أو رمز عن العنة التامة في عالم المظاهر الكاذبة والترف الزائف، وكل ما يتصل به، حتى المريبة الزنجية " كالغابة " تربض بردانة ". هل هذه القصيدة أصيلة أو انها صورة مستعارة؟ إن السياب لم يعودنا أن يكون الحوار كما هو هنا، ولم نألف لديه هذه النقلات الخاطفة، ولا هذه السخرية العميقة، ولا أمثال هذه الصور: " الليل نهار مسدود " و " كالغابة تربض بردانة " و " والبرد ينث من القمر فنلوذ بمدفأة من أعراض البشر " و " والظلماء نقالة موتى سائقها أعمى "؟ ولكنا؟ رغم البحث - لم نهتد إلى ما يصلح أن يكون أصلا لها، ويكفينا أن السياب نفسه سماها " محاولة جديدة " (?) .

وخلاصة ما هنالك أن المدى الذي حاول السياب ان يروده في قصائد هذه الفترة كان واسعا رحبا، وان إخفاق بعض محاولاته يكشف عن استعداد عنيد للتغلب على كل عقبة تعترض نهوضه بعبء الإبداع الفني، حتى استطاع في قصيدة " أنشودة المطر " والقصائد الكهفيات وفي " غارسيا لوركا " و " تعتيم " ثم على نحو غريب في " أغنية في شهر آب " ان يضع نماذج متنوعة لما تستطيع أن تحققه القصيدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015