نقل إلى منصب قضائي ببغداد، وأخذ الصديقان يتراسلان، ويكملان العهد الشعري في البصرة بتبادل القصائد التي كانت تجد، ضمن رسائلهما، وكانت قصائد خالد من الحوافز على المعارضة، كما كان لآرائه النقدية أثرها في توجيه بدر؛ كان خالد يرى في تلك السن أن من شاء لنفسه الإعداد الشعري الصحيح ركب الصعوبة دون تهيب وبنى قصيدته على قافية واحدة، ولهذا نصح صديقه بأن لا يبني القصيدة على قواف مختلفة، فرد عليه بدر يقول: " قد والله تأثرت كثيرا بنصائحك فأخذت أحول بعض قصائدي من قواف مختلفة إلى موحدة القوافي.. " (?) وسماء أراعى بدر هذه النصيحة أم لم يراعها في المستقبل القريب، فأنها مفتاح لمظاهر كثيرة في شعر بدر. كذلك انتقده خالد في بعض الجزيئيات كقوله في مطلع قصيدة " الخريف ":

قاد الخريف مواكب الأيام ... فالمدح ناي في يد الانسام وليست رسالة خالد التي ورد فيها هذا النقد متوفرة لدي، ولكن يبدو أن نقده انصب على فقدان العلاقة بين " مواكب الأيام "، وبين " فالدوح ناي " فرد السياب بقوله: " والذي جعلني أقول هذا المطلعهو بعض الحذف الذي جرى على القصيدة عند إلقائها إذ كان مطلعها " قاد الخريف مواكب الأنغام " (?) ، وهو اعتذار مضحك؟ كما ترى - والسر في الأمر أن " مواكب الأيام " أصح من الناحية الشعرية ولكنها أن بقيت كذلك لم تبق من علاقة بين الشطرين، ولهذا جعل بدر هذا الشطر في المجموعة الشعرية التي لم تطبع: " رقص الخريف بفائض الأنغام " ولا يخفى أنه شطر أشد قلقا من ذي قبل، ولفظة " بفائض " ترك مكانها خاليا ثم أثبتت من بعد، وكل ذلك يدل على مقدار ما عاناه الشاعر في سبيل ان يسلم بيته من النقد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015