وإذا كانت حركة الضمير في ضمير النصب والجر للغائب المفرد المذكر، تتأثر بما قبلها من كسرة طويلة أو قصيرة أو ياء، فتقلب الضمة كسرة1، في العربية الفصحى، فيقال مثلا "ضَرَبْتِهِ"، و"عَلَيْهِ" بدلا من "ضَرَبْتِهُ" و"عَلَيْهِ"، فإن القرآن الكريم، وهو الممثل الأعلى لهذه العربية، قد جاءت به في قراءة حفص عن عاصم، بعض الأمثلة، التي لم يحدث فيها مثل هذا التأثر الصوتي، وهي قوله تعالى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} [الكهف: 63] ، وقوله عز وجل: {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّه} [الفتح: 10] ، وقد انتقل إليها ذلك من اللغة الحجازية، التي حافظت على الأصل في حركة هذا الضمير، يقول سيبويه: "فالهاء تكسر إذا كان قبلها ياء أو كسرة ... وذلك قولك: مررت بهي قبل، ولديهي مال، ومررت بدارهي قبل وأهل الحجاز يقولون: مررت بهو قبل، ولديهو مال. ويقرءون: فخسفنا بهو وبدارهو الأرض"2. كما يقول المبرد: "فأما أهل الحجاز خاصة، فعلى الأمر الأول فيها، يقرءون: فخسفنا بهو وبداره الأرض. ومن لزم اللغة الحجازية قال: عَلَيْهُ مال"3.

وهذا مثال أخير لظاهرة الشذوذ عن طريق انتقال اللغة، فمن خصائص اللغة الحجازية فك الإدغام في الأفعال المضارعة المجزومة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015