فرع:

لو لم يدع الاستبراء وقال: أريد أن أنفيه باللعان، قال بعض أصحابنا: فيه قولان:

أحدهما: له ذلك لأنه دون ولد الحرة.

والثاني: ليس له ذلك لأنه يمكنه نفيه بدعوى الاستبراء فلا حاجة به إلى اللعان. هكذا ذكره من الشامل ولعله ذكر القولين برواية أحمد عن الشافعي، وقد ذكرنا ما قيل فيه.

مسألة:

قال: "وقال بعض الناس (ق 40 أ) لو ولدت جارية له يطأها فليس هو ولده إلا أن يقر به فإن أقر بواحد، ثم جاءت بعده بآخر فله نفيه لأن إقراره بالأول ليس بإقرار بالثاني وله عنده أن يقر بواحد وينفي ثانياً وبثالث وينفي رابعاً، ثم قال: ولو أقر لواحد ثم جاءت بعده بولد فلم ينفيه حتى مات فهو ابنه ولم يدعه قط".

هكذا حكي الشافعي عن أبي حنيفة وألزمه أنه إن كان الإقرار شرطاً في إلحاقه فهلا نفاه عنه إذا مات قبل إقراره به، وإذا ألحقه من غير إقرار فالولد للحي مثله، ومنهم من يقول: هذا ليس بمذهب أبي حنيفة بل مذهبه ما ذكرنا عن القفال.

مسألة:

قال: "ثم قالوا إن قاضياً زوج امرأة رجلاً في مجلس القضاء ففارقها ساعة ملك عقدة نكاحها ثلاثا ثم جاءت بولد لستة أشهر لزم الزوج".

الفصل:

إنما ذكر الشافعي هذا ليبين أنهم أبعد الناس قولاً حيث قالوا مع وجود الوطء في ملك اليمين: لا يلحقه الولد، ومع غير إمكان الوطء في النكاح يلحقه، وهو أنه لو نكحها ثم طلقها في الحال بين يدي الناس ثلاثاً ثم جاءت بولد لستة أشهر لا تزيد ولا تنقص لحقه، فإن زاد لم يلحقه بخلاف ما لو دخل بها فإنه يلحقه إلى سنتين عندهم، وأبلغ من هذا أنه لو علق طلاقها بالنكاح، فنكحها وطلقت من غير فصل فالحكم هذا، وعندنا وإمكان الوطء شرط. وعلى هذا لو غاب عن زوجته غيبة بعيدة بحيث لم يصل إليها بل كان شاهده من صحبة هناك وشاهدها من صحبتها على مر الأيام حيث هي، فجاءت بولد في زمان غيبته لحقه عندهم، وعندنا لا يلحقه إذا جاءت به لأكثر من أربع سنين من يوم غيبته والغيبة بهذه الصلة (ق 40 ب) لأن الإمكان شرط، وإن لم يكن العلم بحصول الوطء شرطاً، وهذه المسألة معروفة بالمشرقي والمغربية؛ فرضها في ملك المشرق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015