رجوع إلى الاجتهاد، والمشاهدة أولى من الاجتهاد، وإن لم يكن له مثل يضمن بالقيمة.

وحكي عن عبيد الله العنبري أنه قال: يضمن للأشياء كلها بالمثل فإذا أتلف خشبةً يلزمه مثلها من جنسها وكذلك في الثوب وقيل: هو مذهب أحمد ذكره في "الحاوي" (?).

وحكي عن داود أنه قال: يجب في الحيوان المثل فيجب في العبد العبد وفي العصفور العصفور وشبَّهه بجزاء الصيد وهذا غلط لما روى عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أعتق شركاً له في عبد قُوّم عليه" (?) فأمر بالتقويم في حصة الشريك لأنهما متلفة بالعتق ولم يأمر بمثيلها ولأن القيمة فيما لا مثل له أعدل فإنهما قد يتساويان في القيمة ويختلفان في الصفة، وقد يتساويان في الصفة ويختلفان في القيمة فاعتبار القيمة أولى. وأما تشبيهه بجزاء الصيد لا يصح لأن ذلك من حق الله تعالى المبني على المساهلة ونصَّ فيه على المثل بخلاف هذا، واحتج عبيد الله العنبري بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت صانع طعام مثل صفية صنعت طعاماً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعثت به فأخذني إفكل فكسرت الإناء فقلت: يا رسول الله ما كفارة ما صنعت؟ قال: "إناء مثل إناء وطعام مثل طعام" (?) والإفكل: الرعدة من الغيرة قلنا: ذكر هذا على وجه المعونة والإصلاح دون بتّ الحكم فإن القصعة والطعام ليس لهما مثل معلوم، وهذا الطعام والإناء حملا من بيت صفية والغالب أنه ملك الرسول - صلى الله عليه وسلم - وله أن يحكم في ملكه كيف شاء، أو يحمل على مثل القيمة. وأما الحيوان فعلى ضربين آدمي وغير آدمي فأما غير الآدمي يضمن بقيمة عند الإتلاف وفي الجناية يضمن ما نقص. وأما الآدمي فضربان حرّ، وعبد فالحر لا يضمن باليد ويضمن بالجناية، وأما العبد فيضمن باليد والجناية.

فرع

حدُّ ماله مثل أن يجتمع [14/أ] فيه شرطان؛ تماثل الأجزاء، وأمن التفاضل كالحبوب، والأدهان، والأثمان، والتمور، والخل ونحو ذلك، فإن كان مكيلاً كان الكيل شرطاً في المماثلة دون الوزن، وان كان موزوناً كان الوزن شرطاً في المماثلة دون الكيل، ولو خيف تفاضله كالثمار الرطبة فلا مثل له وتجب القيمة. وقيل: حده ما يتساوى أجزاؤه وقيمة أجزائه، وأن يكون على حالة الادخار أو حالة الكمال.

وقال القفال: حده ثلاثة أشياء، أن يكون مكيلاً أو موزوناً، وأن يكون مضبوطاً بالصفة بحيث يجوز فيه السلم، وأن يجوز بيع بعضه ببعضٍ، فالرّبُ لا يكون من ذوات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015