كتاب الصدقات

مسألة (?)

قال الشافعي رحمه الله: "فرض الله تبارك وتعالى على أهل دينه المسلمين في أموالهم لغيرهم من أهل دينه المسلمين المحتاجين إليه لا يسعهم حبسه عمن أمروا بدفعه إليه أو ولاته".

قال في الحاوي: وهذا كما قال.

اعلم أن وجوب الزكاة يتعلق بثلاثة أحكام:

إحدها: المال الذي تجب فيه.

والثاني: المال الذي تجب عليه.

والثالث: المستحق الذي تصرف إليه.

فأما المال الذي تجب فيه فقد ذكرنا في كتاب "الزكاة" أنه المال الثاني على شروطه الماضية وأما المالك الذي تجب عليهم فهم المسلمون واختلف أصحابنا في المشركين ها هم مخاطبون بها؟ وإن لم تؤخذ منهم على وجهين بناء على اختلاف أصحابنا، هل خوطبوا مع الإيمان بالعبادات الشرعية أم لا؟ فذخب أكثر أصحابنا إلى أنهم مخاطبون بالعبادات الشرعية من الصلاة والصيام والزكاة والحج كمخاطبتهم بالإيمان، وأنهم معاقبون على ترك ذلك لقوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44)} [المدثر:42 - 44] وقال آخرون: وهو قول العراقيين أنهم في حال الكفر إنما خوطبوا بالإيمان وحده، ولم يتوجه إليهم الخطاب بالعبادات الشرعية إلا بعد الإيمان لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها، ولان الزكاة لو وجبت عليهم لطولبوا بها بعد إسلامهم".

فصل

وأما المستحق لصرف الزكاة إليه فهذا الكتاب مقصور عليه، والأمل فيه قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة:103] أي تطهر ذنوبهم وتزكى أعمالهم فكان في هذه الآية وجوب لأدائها من غير ذكر لمستحقها وقال تعالى: {وَفِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015