وقال السدي: هو العقل والصلاح في الدين, وقال ابن عباس والحسن رضي الله عنهم هو الصلاح في الدين والصلاح في المال, وهو قولنا وقوله: {وَلَا تَاكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أًن يَكْبَرُوا} أي لا تأخذوها إسرافًا على غير ما أباح الله تعالى لكم, وأصل الإسراف تجاوز الحد, وقوله: {وَبِدَارًا أًن يَكْبَرُوا} [النساء:6] يعني بأكل مال اليتيم ويبادر أن يبلغ فيحول بينه وبين ماله, ثم قال: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء:6] يعني بمال نفسه عن مال اليتيم, {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَاكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:6 [] ق 340 أ] وقد ذكرنا هذا من قبل واحتج على ذلك أيضًا بقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة:282] والسفيه: الفاسق المبذر بماله, ولفظ الشافعي رحمه الله تعالى هو المبذر لماله المفسد في الجهات المحترمة.

وقال مجاهد: هو الجاهل بالصواب فيما له وعليه.

وأما الضعيف والذي لا يستطيع أن يمل هو, نقل المزني -رحمه الله- أنه أراد بهما المغلوب على عقله لأنه لا فرق بين الضعيف وبين الذي لا يستطيع, ومعنى اللفظتين واحد.

وقال في "كتاب الوصايا": الضعيف الصغير والكبير الذي يضعف عن القيام بمصالح ماله, والذي لا يستطيع أن يمل هو المغلوب على عقله, وهذا أصح ما نقله المزني؛ لأن الظاهر من الآية أن الذي لا يستطيع غير الضعيف كما أن الضعيف غير السفيه, وقيل: هو ضعيف الرأي والتدبير من صغر أو كبر وهو قريب مما ذكرنا, وقال مجاهد -رحمه الله-: السفيه الجاهل بالصواب فيما له وعليه, والضعيف: الأحمق.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما الذي لا يستطع أن يمل هو الأخرس وقيل: إنه المحبوس بحبس أو غيبة وما قاله الشافعي أولى؛ لأن الأخرس والغيبة لا يوجبان الحجر, وقوله: أن يمل: يعني يقر [ق 340 ب] فليملل وليه بالعدل أن يقر وليه ويملل الإقرار عليه من وجهين:

أحدهما: بمباشرة البيع والشراء والثمن وعليه إن كان اشتراه مؤجلًا.

والثاني: أن تقوم البينة على إقراره بحق عليه ولم يعرف صفته وحبسه فيقر الولي عليه به لئلا يطالب بأكثر مما عليه.

وأما إذا أقر عليه بإتلاف ماله أو قتل أو دين لزمه قبل الحجر لا يقبل إقراره بذلك عليه.

وقال ابن عباس رضي الله عنه أراد بقوله: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] ولي الحق: هو صاحبه أن يعدل في إملائه ومطالبته بالحق.

وقال الضحاك: أراد ولي من عليه الحق فيما لزم من أرش جناية أو قيمة متلف, فإذا تقرر هذا فهو محجور عليه ما لم يبلغ على العموم, فإذا بلغ رشيدًا زال الحجر عليه,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015