كتاب الصيام

فصل

الأصل في وجوب الصيام الكتاب، والسنة، والإجماع، أما الكتاب: فقوله تعالى: {اأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] معناه فرض عليكم وإنما قال: {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} تسلية للقلوب وتهوينا للخطب ولم يعين الصوم [255 أ/4] في هذه الآية ثم عين في آية أخرى فقال: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وأما السنة: فما روي ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بني الإسلام على خمس" (?)، ... الخبر إلى أن قال: "وإيتاء الزكاة وصوم رمضان"، وروي طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم لصوته دوي لا يفقه ما يقول فدنا منه فإذا هو يسال عن الإسلام فذكر له إلى أن ذكر له صوم شهر رمضان فقال: هل عليَّ غيره قال: "لا إلا أن تطوع" (?)، وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم طيبة بها قلوبكم وحجوا بيت ربكم تدخلوا جنة ربكم" (?). وأما الإجماع: فلا خلاف بين المسلمين فيه فإذا تقرر هذا فاعلم أن معنى الصوم والصيام واحد وهما في حقيقة اللغة الكف عن الشيء والإمساك، ولهذا سمي الساكت صائمًا قال الله تعالى: {إنيِّ نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} [مريم: 26] أي: صمتًا ويقال: صام النهار إذا استوت الشمس للزوال لأن لها وقفًا عن السير ويقال: خيل صائمة إذا وقفت عن [255 ب/4] السير، ومنه قول النابغة (?):

خيلٌ صيامٌ وخيلُ غيرُ صائمةٍ ... تحت العجاجِ وأُخْرىَ تَعْلِكُ اللُّجَما

ومعناه في الشرع الإمساك عن أشياء مخصوصة مثل الطعام والشراب، والجماع واستنزال المني فكأنه نقل من اللغة على الشريعة وهو أخصر من اللغوي ولكنه ضمت إليه النية، ثم اعلم أن عند الشافعي المراد بقوله تعالى: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184] شهر رمضان وصوم رمضان هو أول ما فرض وليس هو بمنسوخ بل بين بقوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015