بحر الدموع (صفحة 49)

كم ذا التلوّم لا إقلاع يصحبه ... ولا عزيمة هذا العجز والكسل

وكم أردّد أقوال ملفقة ... ما ينفع القول إن لم يصدق العمل

واعجبا! كم لي أعاتب المهجور والعتب ما ينفع، كم لي أنادي أطروش الغفلة لو كان النداء يسمع، كم لي أحدّث قلبك وفي سماعك أطمع. واها عليك يا جامد العين قط ما تدمع، من علامة الخذلان قلب لا يخشع، قلبك ذهب في حبّ الفاني، وأنت للحرام تجمع. عليك يا غافل في جمعه الحساب، وتخلفه لمن لا ينفع، بينما أنت في بستان اللهو إذ قيل: فلان سافر وليس في رجوعه مطمع.

ويروى عن علي بن أبي صالح أنه قال: كنت أدور في جبّ اللكام (?) أطلب الزهاد والعباد، فرأيت رجلا عليه مرقّعة، هو جالس على صخرة مطرق إلى الأرض.

فقلت له: يا شيخ ما تصنع هاهنا؟.

قال لي: انظر وأرعى.

قلت له: ما أرى بين يديك إلا الحجارة، فما الذي تنظر وترعى. قال: أنظر خواطر قلبي، وأرعى أوامر ربي، فبحق الذي أظهرك عليّ إلا ما تركتني، فإنك شغلتني عن مولاي.

فقلت له: كلمني بشيء أنتفع به.

فقال لي: من لازم الباب، أثبت في الخدمة، ومن أكثر من الذنوب، أكثر من الندم، ومن استغنى بالله، لم يخف العدم. ثم تركني ومضى، رضي الله تعالى عنه.

**

طور بواسطة نورين ميديا © 2015