معنى الآيات:

ينهى الله تبارك وتعالى دعاة الحق من هذه الأمة في شخصية نبيهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يغرهم1، أي: يخدعهم ما يتصرف فيه أهل الكفر والشرك والفساد من مكاسب وأرباح وما يتمتعون به من مطاعم ومشارب ومراكب، فيظنوا أنهم على هدى أو أن الله تعالى راضٍ عنهم وغير ساخط عليهم، لا، لا، إنما هو متاع في الدنيا قليل، ثم يردون إلى أسوأ مأوى وشر قرار إنه جهنم التي طالما مهدوا لدخولها بالشرك والمعاصي، وبئس المهاد مهدوه لأنفسهم الخلود في جهنم. هذا معنى الآيتين الأولى والثانية وهما قوله تعالى: {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ2 الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ* مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} ، أما الآية الثالثة (198) ، وهي قوله تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ3 لِلأَبْرَارِ} فإنها قد تضمنت استدراكاً حسناً وهو لما ذكر في الآية قبلها مآل الكافرين وهو شر مآل جهنم وبئس المهاد، ذكر في هذه الآية مآل المؤمنين وهو خير مآل: {جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ} ، وما عند الله تعالى من النعيم المقيم في دار السلام خير لأهل الإيمان والتقوى من الدنيا وما فيها فلا يضرهم أن يكونوا فقراء، وأهل الكفر أغنياء موسرين، أما الآية الرابعة (199) وهي قوله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب4ِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ} الآية فإنها تضمنت الرد الإلهي على بعض المنافقين الذين أنكروا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين صلاتهم على النجاشي بعد موته، إذ قال بعضهم انظروا إلى محمد وأصحابه يصلون على علج مات في غير ديارهم وعلى غير ملتهم، وهم يريدون بهذا الطعن على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين فرد الله تعالى عليهم بقوله: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} أي: اليهود والنصارى لمن يؤمن بالله، وما أنزل إليكم أيها المؤمنون، وما أنزل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015