فاصفح عنهم: أي أعرض عنهم.

وقل سلام فسوف: أي أمري سلام منكم، فسوف تعلمون عاقبة كفركم.

معنى الآيات:

لما أعلم تعالى في الآية السابقة أن رجوع الناس إليه يوم القيامة، وكان المشركون يزعمون أن آلهتهم من الملائكة وغيرها تشفع لهم يوم القيامة واتخذوا هذا ذريعة لعبادتهم فأعلمهم تعالى في هذه الآية (86) أن من يدعونهم بمعنى يعبدونهم من الأصنام والملائكة وغيرهم (1) من دون الله لا يملكون الشفاعة لأحد، فالله وحده هو الذي يملك الشفاعة ويعطيها لمن يشاء هذا معنى قوله تعالى: {وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} وقوله تعالى {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أي استثنى الله تعالى أن من شهد بالحق أي بأنه لا إله إلا الله، وهو يعلم ذلك علماً يقيناً فهذا قد يشفع له الملائكة أو الأنبياء فقال عز وجل {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (2) بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم فالموحدون تنالهم الشفاعة بإذن الله تعالى. وقوله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} أي ولئن سألت هؤلاء المشركين من خلقهم لأجابوك قائلين الله. فسبحان الله كيف يقرون بتوحيد الربوبية وينكرون توحيد العبادة فلذا قال تعالى: {فَأَنَّى (3) يُؤْفَكُونَ} أي كيف يصرفون عن الحق بعد معرفته يعرفون أن الله هو الخالق لهم ويعبدون غيره ويتركون عبادته.

وقوله {وَقِيلِهِ (4) يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ} أي ويعلم تعالى قيل رسوله وشكواه وهي يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون لما شاهد من عنادهم وتصلبهم شكاهم إلى ربه تعالى فأمره ربه عز وجل أن يصفح (5) عنهم أي يتجاوز عما يلقاه منهم من شدة وعنت وأن يقول لهم سلام وهو سلام متاركة لا سلام تحية وتعظيم أي قل لهم أمري سلام. فسوف تعلمون (6) عاقبة هذا الإصرار على الكفر والتكذيب فكان هذا منه تهديداً لهم بذكر ما ينتظرهم من أليم العذاب إن ماتوا على كفرهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015