وغيره: هذا قول أهل البدع والنصوص الكثيرة الدالة على بقاء الأرواح بعد مفارقتها الأبدان ترد ذلك وتبطله ولكن تخيل بعض المتأخرين موت الأرواح عند النفخة الأولى مستدلا بقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} [الزمر: 68] ، ورد عليه آخرون وقالوا: إنما المراد به يموت من لم يكن مات قبل ذلك ولكن ورد عن طائفة من السلف في قوله: {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} أن المستثنى هم الشهداء روي ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الطور الطويل ومن وجه آخر بإسناد أجود من إسناد حديث الطور وهذا يدل على أن للشهداء حياة يشاركون فيها الأحياء وقد قيل في الأنبياء مثل ذلك أيضا.

وعلى هذا حمل طائفة من العلماء منهم البيهقي وأبو العباس القرطبي قول النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى} ، " فأكون أنا أول من يبعث فإذا موسى آخذ بالعرش فلا أدري أجوزي بصعقة الطور أم بعث قبلي" وفي رواية: "أو كان ممن استثنى الله" 1. ولأن حياة الأنبياء أكمل من حياة الشهداء بلا ريب فشملهم حكم الأحياء أيضا ويصعقون مع الأحياء حينئذ لكن صعقة غشي لا صعقة موت إلا موسى تردد فيه أصعق أم كان ممن استثنى الله، صلى الله عليه وسلم لا محال، فكيف يتردد النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كله؟!.

والفرق بين حياة الشهداء وغيرهم من المؤمنين الذين أرواحهم في الجنة من وجهين:

أحدهما: أن أرواح الشهداء يخلق لها أجساد أو هي الطير التي تكون في حواصلها ليكمل بذلك نعيمها ويكون أكمل من نعيم الأرواح المجردة عن الأجساد فإن الشهداء بذلوا أجسادهم للقتل في سبيل الله فعوضوا عنها بهذه الأجساد في البرزخ.

والثاني: أنهم يرزقون من الجنة وغيرهم لم يثبت له في حقه مثل ذلك فإنه جاء أنهم يعلقون في شجر الجنة وروي يعلقون بفتح اللام وضمها فقيل: إنهما بمعنى وأن المراد الأكل من الشجر قال ابن عبد البر وقيل: رواية الضم معناها الأكل ورواية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015