نشوان من خمر الصبا فكأنه ... غصن يميل مع الصبا مرتاحا

الشاهد في البيت الأخير, فإنك إذا أسقطت من كل شطر من البيت جزء صار البيت هكذا:

نشوان من خمر الصبا ... غصن يميل مع الصبا

وقوله من أخرى وأولها:

يا برق نجد هل حكيت فؤادي ... في ذا التلهب والخفوق البادي

لولا اشتراك هواكما لم تسفحا ... دمعيكما في سفح ذاك الوادي

أترى سويكنة الحمى بجمالها ... سلبت رقادك في الهوى ورقادي

فإذا سقط من كل شطر من البيت الأخير جزء صار هكذا:

أترى سويكنة الحمى ... سلبت رقادك في الهوى

وقوله أيضاً من جملة قصيدة:

مهما انثنى فأنا الطعين بقامة ... هيفاء تهزء بالقنا المياد

وإذا رنا فأنا القتيل بمقلة ... نجلاء أمضى من حدود حداد

فإنك إذا أسقطت من البيت الأول قوله (تهزء بالقنا المياد) ومن الثاني قوله (أمضى من حدود حداد) صار البيتان هكذا:

مهما انثنى فأنا الطعين ... بقامة هيفاء

وإذا رنا فأنا القتي ... ل بمقلة نجلاء

وقوله أيضاً في مطلع قصيدة:

بالله بلغ سلامي أيها الحادي ... إلى غزال الصريم الرائح الغادي

فإنه يخرج منه بيت من منخرق المجتث وهو:

بالله بلغ سلامي ... إلى غزال الصريم

ومنه قول التلعفري:

نهاري كله قلق وفكر ... وليلي كله أرق وذكر

فإنه يخرج منه بعد إسقاط جزء من كل من الشطرين بيت وهو:

نهاري كله قلق ... وليلي كله أرق

وقول ابن النبيه:

خذ من حديث شؤونه وشجونه ... خبرا تسلسله رواة جفونه

لولا فضيحة خده بدموعه ... مازال شك رقيبه بيقينه

فإن البيت الثاني يخرج منه بيت وهو.

لولا فضيحة خده ... مازال شك رقيبه

ومن ألطف ما وقع من هذا النوع عن قصد قول ابن جابر صاحب البديعية:

يرنوا بطرف فاتر مهما رنا ... فهو المنى لا أنتهي عن حبه

يهفو بغصن ناضر حلو الجنى ... يشفي الضنى لا صبر لي عن قربه

لو كان يوما زائري زال العنا ... يحلو لنا في الحب أن نسمى به

أنزلته في خاطري لما دنا ... قد سرنا إذ لم يحل عن صبه

وهذه الأبيات من الرجز التام, وهو الضرب الأول منه, فإن تركتها كانت على حالتها من التام, وإذا أسقطت من البيت الأول (لا انتهي عن حبه) , ومن الثاني (لا صبر لي عن قربه) , ومن الثالث (في الحب أن نسمى به) , ومن الرابع (إذ لم يحل عن صبه) , صارت من الرجز المجزو. وإن أسقطت من البيت الأول (فهو المنى) إلى آخره, ومن الثاني (يشفي الضنا) إلى آخره, ومن الثالث (يحلو لنا) إلى آخره, ومن الرابع (قد سرنا) إلى آخره, صارت من الرجز المشطور. وأن أسقطت من الأول قوله (مهما رنا) ومن الثاني) (حلو الجنى) ومن الثالث (زال العنا) ومن الرابع (لما دنا) إلى آخره صار الرجز المنهوك.

ومثل ذلك قول بعضهم:

جمر غرامي واقد يحكي لظى ... شراره في القلب ليس ينطفي

ودمع عيني شاهد على الهوى ... مدراره والوجد ما لا يختفي

والنوم مني شارد لا يرتجى ... غراره فيا لطب مدنف

هل في الهوى مساعد ما قد عنى ... اعذاره في حب ظبي أهيف

مائل قد مائد إذا انثنى ... خطاره كالغصن المهفهف

فلحظه لي صائد أن ينتضى ... بتاره هل في الجفون مشرفي

قلبي عليه واجد لما نأى ... قراره بين الأسى والأسف

أرغب وهو زاهد وهو المنى ... أختاره من لي به فأشتفي

أسهر وهو راقد لما جفا ... نفاره عرضني للتلف

وجدي عليه زائد من الجوى ... أسعاره بين الدموع الذرف

ولأبي جعفر الغرناطي على أسلوب أبيات الحريري:

يا راحلا يبغي زيارة طيبة ... نلت المنى بزيارة الأخيار

حي العقيق إذا وصلت وصف لنا ... وادي منى يا طيب الأخبار

وإذا وقفت لدى المعرف داعيا ... زال العنا وظفرت بالأوطار

ولابن جابر الأندلسي:

من لي بآنسة تنام لحظها ... من غير نوم بل تتيه وتفتن

قالت ألست تخاف حين تزورني ... سطوات قومي كم تبوح وتعلن

فأجبتها في نيل وصلك لم أكن ... لأخاف لومي فهو عندي هين

ومنه قولي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015