فكأنها عند المزاج لطافة ... وهم يخيله توهم هاجس

ومن أحسن ما يستشهد به لهذا النوع قول الصفي الحلي من قصيدة:

وبارق كسقيط الزند مقتدحا ... له يد لزناد الشوق قد قدحت

بدا فأذكرني أرض الصراة وقد ... تكللت بالكلا والشيح واتشحت

والريح نافحة والسحب سافحة ... والغدر طافحة والورق قد صدحت

الشاهد في البيت الثالث فقط، وفي الأول الاشتقاق والجناس المذيل وفي الثاني الجناس المطلق.

وأما الجناس المضارع، فكقوله تعالى: (وهم ينهون عنه وينأون عنه) وقوله) صلى الله عليه وآله وسلم (: الخيل معقود بنواصيها الخير، الأجر والمغنم إلى يوم القيامة.

وقول الشريف الرضي) رضي الله عنه (:

لولا تذكر أيامي بذي سلم ... وعند رامة أوطاري وأوطاني

لما قدحت بنار الوجد في كبدي ... ولا بللت بماء الدمع أجفاني

وقوله أيضاً من قصيدة طويلة:

لا يذكر الرمل الأحن مغترب ... له إلى الرمل أوطار وأوطان

وما أحسن قوله بعد هذا البيت:

تهفو إلى البان من قلبي نوازعه ... وما بي البان بل من داره البان

ومنه قول الكافي العمان:

وما خلقت عيون العين أما ... نظرن سوى بلايا للبراي

فاللام والراء والنون من مخرج واحد عند قطرب والجرمي وابن دريد والفراء.

وقول أبي جعفر الرامي من مقصورة له في وصف السيف: مهند كأنما صيقله=أشربه بالهند ماء الهندبا فالميم والباء من مخرج واحد.

وقول الشيخ حسين الطبيب من قصيدة يمدح بها الوالد:

سأكسوك من مكنون نظمي وشائعاً ... تناط بجيد الدهر منها وشائح

والصفي لم ينظم هذا النوع، وقل من فرق بينه وبين اللاحق. ومن الناس من يسمي كل ما اختلف بحرف، جناس التصريف، سواء كان من المخرج أو من غيره.

وبيت الصفي في الجناس المذيل واللاحق قوله:

أبيت والدمع هامٍ هامل سرب ... والجسم من أضم لحمٌ على وضم

وبيت العز الموصلي قوله:

يذيل العذل جار جارح بأذى ... كلاحقٍ ما حق الآثار في الأكم

قال بعضهم: لو عزا أحد هذا البيت والذي قبله - يعني بيته في الجناس الملفق - إلى الجان ما شككت في قوله.

وبيت ابن حجة قوله:

وذيل الهم همل الدمع لي فجرى ... كلاحق الغيث حيث الأرض في ضرم

عدم إطراء ابن حجة لهذا البيت، أبين حجة على ثقله وركنه.

والشيخ عبد القادر الطبري غير الترتيب الذي جرى عليه الشيخ صفي الدين، فقرن المذيل بالمعنوي، واللاحق بالتام. فقال في المذيل:

معنى ابن يتم أبي النعمان كنت لهم ... وذيل الصبر صبا بالغرام عمي

أقول: لم يظهر لي المذيل في هذا البيت. فإن أراد به لفظتي (الصبر) و (صبا) فهذا لاحق لا مذيل. وأم معنى البيت وارتباط شطريه. فقد عجزت عن أن أحوم حوله. وقال في الجناس اللاحق:

يا خير ما تم لي خير يلاحقني ... به ولم يرع شرع الحب كالعجم

الجناس اللاحق ظاهر في هذا البيت، ولكن انظر ما معنى قوله (ولم يرع شرع الحب كالعجم) ؟ وبيت بديعتي هو قولي:

ويل الدم دمعي يوم فرقتهم ... وراح حبي يلبي لاحقاً بهم.

المذيل في قولي (الدم) و (الدمع) واللاحق في (حبي) و (لبي) ومعنى البيت أبين من أن يبين. ولا يخفى ما في تذييل الدمع من اللطف. فإنه كناية عن الدمع قد نزف يوم فراقهم من كثرة البكاء فبكى دما، فكأن الدم صار كالذيل للدمع. وبين شطري البيت أشد الارتباط لفظا ومعنى.

وبيت إسماعيل المقري قوله:

ملا الملام فؤادي ويحكم وكفى ... لا تكثروا تكفروا في لومه بهمِ.

الجناس التام والمطرف

يا زيد زيد المنى مذ تم طرفني ... وقال هم بهمِ تسعد بقربهم

من أنواع الجناس: التام والمطرف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015